تخترق عدة رصاصات جسد السفير الروسي في أنقرة، يرفع المنفذ سبابته ويصيح الله أكبر، ويقول إن الاغتيال انتقام لحلب، يجلجل صوت الضابط التركي في أرجاء الوطن العربي، ويتردد صداه بمواقع التواصل الاجتماعي: هل مولود مرت ألتن تاش إرهابي أم بطل؟ وبغض النظر عن الانتماء السياسي لقاتل السفير أندريه كارلوف وإذا كان عمله فرديا أو مدفوعا من "جماعة الخدمة" التي يقودها غولن فإن فعلة هذا الرجل وتداعياتها وخلفيات الحدث سيطرت على عناوين الصحف العربية والعالمية ومقدمات نشرات الأخبار في كل اللهجات وانتزعت الصدارة من كارثة حلب وما حل بمدنييها من قتل وتهجير. ولكن لماذا انقسمت النخب العربية على مواقع التواصل حيال هذا الموضوع؟ وهل هذا الانقسام صحي في ميدان افتراضي بات يضاهي ميادين الربيع العربي الفعلية في التعبير عن نبض الشارع العربي وآراء قادة رأيه؟ فمثلا تذهب الإعلامية القطرية إلهام بدر إلى التغريد"يجتهد المحللون في البحث عن جهة تقف خلف قاتل السفير وعن أهدافها، وجهات نظر نفهمها، لكن الأقرب للعقل أنه رد فعل إنساني ضد همجية روسيا في سوريا". وعلى النقيض تماما يصف المغرد الإماراتي حمد المزروعي السفير الروسي بـ"الشهيد" ويذهب أكثر من ذلك ليدعو على القاتل بالقول "لعنة الله عليه حيا وميتا وارزقه الدرك الأسفل من النار". وكان اللافت "شماتته" بأهل غزة وحلب "في غزة وحلب يتم توزيع الحلوى فرحا باغتيال السفير الروسي.. لا أستغرب لماذا الله ابتلاهم بالصواريخ والحصار، فالله يعلم ما لا نعلم". 5255450291001 c8992bef-3e3c-4335-90e7-87e58538a27d 457b740f-0aa1-4329-9c56-943aef64086f video أما الإعلامي السوري موسى العمر فغرد أن ألتن تاش قتل كارلوف لأجل حلب. وتابع "لعنة حلب لن تفارقهم"، في إشارة إلى الروس. وفي السياق، يرفض الأكاديمي السعودي كساب العتيبي من يقول إن مقتل السفير الروسي يضر بسوريا، وغرد "رأي سخيف وجبان، لأنه لم يتبق شيء في سوريا أصلا، فقد دمر الأوغاد الشجر والحجر والإنسان". ويتعجب حساب "العراب" -الذي يتابعه نحو 1.7 مليون- في تغريدة "انشغل العالم من أجل فرد مهنته سفير قتل، وأهملوا آلاف العجائز والنساء، والأطفال يوميا يقتلون.. عجبي". أما الأكاديمي محمد عياش الكبيسي فيغرد "الإرهاب يولد الإرهاب، والدم يستسقي الدم، لماذا نفترض في كل الناس أن يكونوا عقلاء وفقهاء في هذا العالم المجنون؟". ويتابع أن "الإرهابي بوتين هو المتسبب الأول،ودم الروسي ليس بأغلى من دم آلاف النساء والأطفال في حلب". وفي السياق، يغرد الحقوقي المصري عمرو عبد الهادي أن "روسيا استنفرت المسلمين بقتلهم خلال ثلاثة أعوام كما استفزت أميركا المسلمين عبر استباحتهم ستين عاما.. القتل مبرر القتل". وهناك من رفض الاغتيال شكلا ومضمونا، كالإعلامي العراقي عامر الكبيسي الذي غرد أن "رصاصة واحدة تجعل روسيا مظلومة وهي الظالمة،وآلاف القذائف على أهل حلب غطت عليها رصاصة واحدة.. ثم يأتي ساذج ليقول: قتل السفير جيد". 5254944862001 413543f6-56b7-408f-b85a-b120de93b22b 9b0280e8-cffe-44c4-8bb3-0e1ba117833b video ولا يبتعد الكاتب التركي إسماعيل ياشا -الذي يغرد بالعربية- عن رأي الكبيسي، ويغرد "لم يقتل السفير الروسي من أجل حلب، ولا من أجل رضا الله، بل قتله من أجل رضا شيخه فتح الله غولن.. من أجل عيون واشنطن، سواء علم ذلك أم لم يعلم". ويتابع أنه "عندما أرى حجم الغباء والحماقة في التعاطف مع قاتل السفير لا أستغرب في تجنيد تنظيمات مثل داعش شباب الأمة وتوظيفهم في ضرب الأمة". وللكاتب المصري وائل قنديل وجهة نظر مغايرة في عملية الاغتيال، إذ غرد "لو قتل السوريون بدمشق سفير روسيا دولة الاحتلال والعدوان عليهم لصفقنا فهذه مقاومة مشروعة، أما قتل السفير بتركيا فهذه جريمة إرهابية". ويلخص المغرد القطري فيصل بن جاسم آل ثاني عملية الاغتيال بالقول "ليش ما يروح يقاتل بحلب لكن فعله هذا حماقة وخيانة لمواقف تركيا الداعمة لسوريا، والرسل لا تقتل، وهو رسول دولته والمستفيد من الحادث محور إيران".