ومع لغة الذوق والجمال ، يتساءل الناس ما الذي أصاب ، هذه اللغة في مقتل؟ قد تكون الإجابة ممزوجة بشيء من المرارة ! لتستمر حزم التساؤلات ، متجاوزة بذلك كل العراقيل ، وقد تطول هذه التساؤلات ، لتطال أرباب وفقهاء اللغة ، وهُم من أضاعوها ، وأي فتى أضاعوا أغلى من هذه اللغة ، وهذه الثروة والكنوز الثمينة ؟ لأنها لغة القرآن الكريم ، وأكثر لغات العالم وأشهرها انتشاراً ، وصولاً لتحقيق أهدافها ، على أيدي ثقافة من يتحدثون بلسان هذه اللغة الجميلة ، من سكان الوطن العربي ، والذين يتجاوز عددهم (287) مليون نسمة ، بما يشكّل (5%) من إجمالي سكان العالم ولها الأحقية أن تحتل هذه المكانة ، كونها أحدث اللغات السامية من الناحية التاريخية. وبمناسبة الاحتفال بيوم اللغة ، الذي أقيم في طليعة الأسبوع الحالي ، وأفردت وسائل الإعلام المحلية والعربية ، الكثير من التغطيات الإعلامية ، التي تعزز مكانة اللغة وتاريخها العريق ، الذي يتوقع قد أثمر عن نتائج ، تؤكد المكانة التاريخية التي تميزت بها ، فضلا عن توجيه العديد من الانتقادات ، للارتقاء بلغة ولدت لتعيش ، وللناقد أحقية مواكبة ، نوعية البرامج التي قدِّمت في هذا الاحتفال . ومن أهم هذه الانتقادات ، أنها افتقدت استمرارية تأثيرها الإيجابي ، بعد فترة قصيرة من بداية الاحتفال مباشرة ، لأنها واجهت تحديات قوية وجاذبة ، من ناحية الإعداد والتنوع والتقنية المستخدمة ، عطفا على العنصر البشري غير المؤهل لغويا وثقافيا ، وإنما كان حضوره لأجل العائد الوظيفي ، سعياً وراء تسويق المنتج ، والذي غالباً تم تنفيذه من قبل عمالة أجنبية لا ترتقي لذوق ومتانة اللغة. ولكي نجيد التعامل مع مصادر مخزوننا الفكري والثقافي ، بأساليب سلسة ومرنة ومتجددة ، تقبل المنافسة والتحدي ، لابد من قيام المؤسسة التعليمية , والوسائل الإعلامية المختلفة ، بدور كل منها كاملا ، بالتعاون مع الأندية الأدبية ، والنخب الثقافية ومعارض الكتاب ، متى ما تخلت الشركات الراعية ، عن تجاوزاتها برفع أسعار مبيعاتها مقارنة بأسواق عالمية وإقليمية ، يجد الزائر فرصته للشراء بمبالغ رمزية. وإن لم تكن هناك مبادرات عاجلة ، قد نحتفل قريباً بذوبان هويتنا العربية ، في ظل برامج موجهة ، لشرائح عمرية معينة من أبنائنا وبناتنا ، فالمؤسسة التعليمية التي أهملت المكتبات ومصادر التعلم ، أصبح دورها تضامناً مع أمنائها شكلياً ، وأداء الواجب الوظيفي فقط ، هذا إن لم يكلف بمهمات وظيفية بعيدة عن تخصصه هذا إذا كان متخصصاً، لهذا أغفلت الجامعات أبواب القبول، في تخصص المكتبات ومصادر التعلم لعدم حاجة السوق لهذه التخصصات.