يتمتع الأميركيون بنوع غير عادي من الأمن، يتمثل في أن اقتصاد بلدهم الهائل، والذي يركز على الداخل أساساً، ليس معرضاً بدرجة كبيرة للصدمات الخارجية. ولكن معظم أبناء شعوب الدول الأخرى في شتى أنحاء العالم، لا يتمتعون بمثل هذه الرفاهية، لأن وظائفهم، ومشروعاتهم التجارية، وسبل رزقهم حساسة للغاية تجاه الأحداث التي تقع في دول بعيدة. وفي اللحظة الراهنة، نجد أن معظم العالم معرض لخطر احتمال حدوث ركود في الصين. فالصين، التي لا تزال أكبر مساهم في النمو الاقتصادي العالمي، تبدو عليها من مدة مظاهر هشاشة مازالت آثارها متبقية حتى الآن. فالنمو انخفض من معدل سرعته الجنوني السابق، إلى معدل سرعة معقول. وسوق الأوراق المالية ارتفعت ثم انهارت، ومشكلات السيولة باتت أمراً معتاداً في القطاع المصرفي، والتدفقات المالية للخارج ازدادت بدرجة كبيرة. ولكن حتى الآن، وعلى الرغم من كل هذا القدر من الاضطراب، تمكن الاقتصاد الصيني- أو حاول على الأقل- المحافظة على نموه، كما تبين الإحصاءات الرسمية. ولكن قطاع الإسكان هو القطاع الذي سيحدد المصير الاقتصادي للبلاد سواء بالنجاح أم بالفشل. فأسعار هذا القطاع انخفضت عام 2014، وأوائل عام 2015، ثم تعافت، تماماً مثلما حدث بعد هبوط أصغر في أسعار هذا القطاع عامي 2011، و2012، وهي الآن في طور ارتفاع مرة أخرى. وإذا حدث انهيار حقيقي في سوق العقارات الصيني، فإنه يمكن أن يكون كارثياً لحد كبير. فالصين، كما هو معروف، لا يوجد لديها أسواق مالية مكتملة النمو، وهو ما يدفع الكثير من الأسر الصينية لادخار قدر معتبر من أموالهم، واستثمارها بشكل مباشر أو غير مباشر في شراء المنازل أو الأراضي. ويُضاف لذلك أيضاً أن الجزء الأكبر من الاقتصاد الصيني ذاته قائم على التطوير العقاري. لذلك فإن انهيار أسعار المساكن الصينية، بات معلقاً مثل سيف «أسطوري» اقتصادي، على رأس الاقتصاد العالمي. والسؤال الآن هل سيهوي حد هذا السيف على رأس الاقتصاد العالمي قريباً؟ كل شخص في الصناعة المالية لديه من دون شك رأيه الخاص بشأن الإجابة عن هذا السؤال الكبير. كما نظر إليه أيضاً علماء الاقتصاد الأكاديميون، توصلوا جميعاً إلى إجابات مختلفة عن هذا السؤال. فبعض علماء الاقتصاد يفسرون الازدهار العقاري بأنه فقاعة. وفي هذا السياق يُشار إلى أن كل من «كايجي تشن»، و«يوي وين» من البنك الاحتياطي الفيدرالي في «سانت لويس»، لديهما نموذج، مؤداه أن الطلب على المساكن كأداة ادخارية، يطلق توقعات بارتفاع الأسعار، تتحول بعد ذلك إلى نبوءة محققة لذاتها. ولكن نقطة قوة هذا النموذج وهي معقوليته، هي في الآن ذاته نقطة ضعفه. فهذا النموذج بُني على الحكمة التقليدية، أو المقولات السائدة، ولكن لم يتعرض لاختبار عملي بعد، كما لم يجر فحصه في مقابل البيانات المتاحة. ... المزيد