عزّزت روسيا وجودها العسكري في شبه جزيرة القرم ونفذت تدريبات جوية فوق البحر الأبيض المتوسط، معلنة أنها «تحتفظ بحقها» في حماية «مواطنيها» في أوكرانيا. إلى ذلك، ذكر مسؤولون أميركيون أن الولايات المتحدة «تدرس» طلب أوكرانيا نيل دعم عسكري وأسلحة وذخائر ومساعدة استخباراتية، علماً أن صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أوردت أن واشنطن رفضت طلب كييف، مشيرة إلى أنها قبلت فقط تقديم حصص غذائية للقوات الأوكرانية، خشية تأجيج التوتر مع موسكو. وللمرة الأولى منذ بدء التوتر بعد سيطرة قوات موالية لروسيا على القرم، قُتل متظاهر مؤيد لسلطات كييف طعناً بسكين وأُصيب آخرون، خلال اشتباكات في مدينة دونيتسك الناطقة بالروسية ومسقط رأس الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش. وبعد مقتل المتظاهر، أعلنت الخارجية الروسية أن موسكو «تدرك مسؤوليتها إزاء حياة مواطنيها في أوكرانيا، وتحتفظ بحق حمايتهم». وأعلن الكرملين تعرّض موقع الرئاسة الروسية على الإنترنت لـ «هجوم إلكتروني شديد» من قراصنة عطّلوا أيضاً الموقع الإلكتروني للمصرف المركزي. إلى ذلك، أفادت وكالة «رويترز» بأن سفينة حربية روسية أنزلت شاحنات وقوات وناقلة جند مدرعة واحدة على الأقل، في خليج قرب سيفاستوبول في القرم. تزامن ذلك مع إعلان وزارة الدفاع الروسية أن مقاتلات روسية بدأت تدريبات جوية من حاملة الطائرات «أدميرال كوزنيتسوف» التابعة للأسطول الشمالي، والتي رست الشهر الماضي في قبرص. وعلّق مسؤول بارز في الخارجية الأميركية على حشد روسيا قواتها على حدود أوكرانيا، قائلاً: «نشعر بقلق بالغ، وهذا يُحدِث مناخاً من الترهيب وسيزعزع الاستقرار» في البلاد. وأضاف: «ما نود أن نراه هو التزام بالتوقف عن وضع حقائق جديدة على الأرض». حزب «الأقاليم» في غضون ذلك، دعا حزب «الأقاليم» الذي ينتمي إليه يانوكوفتش إلى «التصويت في شكل طارئ على قوانين تمنح الأقاليم صلاحيات واسعة وتجعل من الروسية ثاني لغة رسمية للدولة». واعتبر أن «السلطات الجديدة لا تستطيع تسوية أي مشكلة ولم تسمح أي تدابير اتخذتها بوقف التصعيد في جنوب أوكرانيا وشرقها»، بل إن قراراتها «أدت في المقابل إلى اشتداد التوتر». أما زعيم التتار في القرم مصطفى جميليف فحضّ أبناء هذه الأقلية المسلمة التي تشكّل حوالى 15 في المئة من سكان شبه الجزيرة البالغ مليوني نسمة وساندت مناهضي يانوكوفيتش، على «مقاطعة» الاستفتاء المقرر في القرم غداً حول انضمامها إلى روسيا. وأضاف إنه أجرى الأربعاء الماضي اتصالاً هاتفياً مطولاً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أبلغه خلاله تشكيكه بشرعية الاستفتاء، قائلاً إن التتار «لن يشنّوا حرباً على روسيا، لكنهم سيدافعون عن وحدة أراضي بلادهم». جميليف الموجود في بروكسيل، طالب الحلف الأطلسي بالتدخل في القرم «كما فعل في كوسوفو، قبل وقوع مجزرة». إلى ذلك، دعت الخارجية الروسية «منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والدول الأعضاء في مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، إلى التخلي عن سياسة المكيالين والنظر بإيجابية لدعوة سلطات القرم إلى المشاركة في مراقبة الاستفتاء» في القرم. وفي إشارة إلى شبه الجزيرة، دعت الوزارة بعثة المنظمة إلى «الاتفاق مع القيادة في المناطق الأوكرانية التي يُتوقع نشر (البعثة) فيها، في ما يتعلق بجوانب إمداد البعثة وتموينها». وخلال جلسة طارئة لمجلس الأمن حول الوضع في أوكرانيا، اعتبر رئيس الوزراء الأوكراني الانتقالي أرسنيي ياتسينيوك أنه «ما زالت هناك فرصة» لتسوية سلمية للأزمة، وطالب موسكو بسحب تعزيزاتها من القرم و «البدء بمفاوضات». واتهم روسيا «بانتهاك معاهدات» و «نسف جهود منع الانتشار النووي»، لافتاً إلى أن النزاع في بلاده «يتجاوز حدود أوكرانيا». في غضون ذلك، نقلت «رويترز» عن مسؤولين أوروبيين إن الاتحاد الأوروبي وضع قائمة تضم بين 120 و130 اسماً لمسؤولين روس بارزين، سيخضعون لعقوبات يفرضها الاتحاد، بينها حظر السفر وتجميد الأصول. في السياق ذاته، حذر وزير المال الروسي السابق ألكيسي كودرين من أن فرض الغربيين عقوبات على موسكو، سيسرّع فرار رساميل بحيث يبلغ 50 بليون دولار في النصف الأول من السنة. وأضاف: «القروض التي أخذتها مؤسساتنا في الخارج تبلغ 700 بليون دولار، وبدأت تتقلص بسبب إلغاء خطوط قروض، وستتوقف بعض المشاريع المشتركة وبدأ ذلك أصلاً». ورجّح أن يبلغ النمو في هذه الظروف «أقل من 1 في المئة، وربما قد يساوي صفراً من إجمالي الناتج الداخلي هذه السنة». روسيااوكرانيا