كلما تعرضت الحكومات العربية لضائقة مالية تجد ضالتها في الخمور كي تضاعف مداخيلها، حتى أصبح فرض الضرائب على المشروبات الكحولية عادةً سنوية في المنطقة العربية. نهاية كل عام، حين تُقدم الحكومات مشاريع موازناتها، تشير إلى زيادة الضريبة على الكحول، سواء كانت مصنعة محلياً أو مستوردة من الخارج. فالخمور هي الحلقة الأضعف، وأي زيادة في الضرائب المفروضة عليها، لن تواجه صدى شعبياً أو حتى احتجاجاً سياسياً، بسبب الطبيعة المحافظة التي تتميز بها غالبية المجتمعات العربية. أما القوى السياسية التي يمكن أن تحتج على ذلك، فتخشى من فقدان شعبيتها في مجتمع يميل مزاجه العام إلى التدين. في المقابل، تطالب منظمة الصحة العالمية الدول بفرض مزيد من الضرائب على المشروبات الكحولية، بسبب أضرارها الصحية، إذ نجمت عن تعاطي الكحول على نحو ضار 3.3 ملايين حالة وفاة في العالم عام 2012، بحسب ما ما ورد في تقرير صدر عن منظمة الصحة العالمية في مايو 2014. لنلقِ نظرة على قيمة الضرائب التي تفرضها الدول العربية على المشروبات الكحولية. مصر عام 2014، قررت الحكومة المصرية رفع ضريبة المبيعات على النبيذ والمشروبات الكحولية، المحلية والمستوردة، بنحو 50%. لترتفع من 100% إلى 150%، كما رفعت الضريبة على البيرة الكحولية من 100% إلى 200%، في إطار إجراءات لزيادة الإيرادات، ومحاولة إصلاح الاقتصاد. زجاجة الجعة المحلية، التي كانت تساوي نصف دولار، ارتفع ثمنها إلى دولار ونصف. وبحسب مشروع قانون القيمة المضافة، سيتم مرةً أخرى رفع الضريبة على الجعة الكحولية من 200% إلى 250%، ما سيرفع زجاجة البيرة المحلية إلى دولارين تقريباً. وتُعتبر الضريبة على الخمور الأكبر في مصر، إذ تجني الدولة منها نحو 5.5 مليار جنيه من حصيلة مصلحة الضرائب. وتخضع عمليات استيرادها لرسوم بنسبة 300%. هذه الضرائب الضخمة اعتبرت حصاراً يُعيق تجارة الخمور، بينما يذهب البعض الآخر إلى القول إن التضييق على المشروبات الكحولية في مصر شعبي أكثر منه حكومياً. الأردن دخلت الأردن هذا العام في برنامج إصلاح هيكلي اقتصادي مع صندوق النقد الدولي، الذي يفرض زيادة مداخيل الدولة الضريبية. واختارت الحكومة توزيع عبء الزيادة في الإيرادات على السجائر، والمشروبات الكحولية، من خلال رفع أسعارها في يونيو الماضي. وكانت رفعت عام 2014، الضريبة على الجعة بنسبة 25%، فارتفع ثمن زجاجة البيرة (نصف لتر) من 500 فلس إلى 750 فلساً، وبنسبة 13% على المشروبات الكحولية، بما فيها الأنبذة والمشروبات المخمرة الأخرى. سوريا وفقاً لآخر مرسوم تشريعي صادر بشأن الضرائب في سوريا في يناير 2015، تم إخضاع المواد والمشروبات الكحولية لنسبة 20% على جميع أنواعها، محلية أم مستوردة. كما تفرض السلطات ضريبة جمركية على إدخال المشروبات الكحولية بجميع أنواعها بــ30% من ثمنها. العراق في أكتوبر الماضي، أصدر البرلمان العراقي قانوناً يقضي بحظر تصنيع واستيراد وبيع المشروبات الكحولية بكل أنواعها. أثار القانون جدلاً واسعاً، نظراً للتنوع الديني الموجود في المجتمع العراقي. لكن قبل ذلك، كان مجلس النواب أقر في فبراير 2016، قانون الموازنة الذي نص على فرض ضرائب بنسبة 300% على الخمور. فارتفع سعر زجاجة البيرة التي كان ثمنها لا يتجاوز الدولار، إلى 3 دولارات. أقوال جاهزة شارك غردالخمور في الدول العربية، وسيلة السلطات المفضلة لجني المال... شارك غردضرائب تتخطى 200% في معظم الدول العربية، ورعاية إسلامية لقطاع الخمور في بعض الدول.. الخمور تشكل مصدر مدخول لا يستهان به قطر يمنع القانون القطري بيع المشروبات الكحولية للمسلمين، لكنه يبيح ذلك لغير المسلمين، شرط الحصول على وثيقة تسمى "رخصة تناول المشروبات الكحولية". يشترط لحاملها حداً أدنى لراتبه 4000 ريال قطري أو 1100 دولار أميركي، يستطيع أن يصرف منه ما لا يتعدى 15% على الكحول. مع ضرورة أخذها إلى المنزل من المستودع مباشرة بعد شرائها. وتوجد مطاعم وفنادق مرخصة يحق لها بيع الكحول إلى الزبائن البالغين من غير المسلمين، في مناطق محددة. ويجب على المقيمين إظهار بطاقتهم الشخصية القطرية ليحصلوا على إذن الدخول إلى إحدى هذه المناطق المرخصة. وتحتكر الدولة حق بيع المشروبات الكحولية بكافة أنواعها. ويصل ثمن زجاجة البيرة ذات النصف لتر إلى 5.78 دولارات. الجزائر دفع انخفاض أسعار النفط الحكومة الجزائرية إلى البحث عن مصادر جديدة لتمويل الميزانية السنوية للدولة، من خلال رفع الضرائب بدلاً من تخفيض الرواتب. فرفعت الدولة الضريبة على المشروبات الكحولية إلى 10%، زيادة تُقدر بـ5 آلاف دينار (46 دولاراً تقريباً) على كل 100 لتر. وتفرض على المنتج المحلي الموجه للاستهلاك، عند خروجه من المصنع، وعلى المشروبات المستوردة. فزاد ثمن زجاجة الجعة المحلية ذات النصف لتر من 2.5 دولار إلى 2.75 دولار. أكمل القراءة البحرين تعتبر البحرين من الدول القليلة في مجلس التعاون الخليجي التي تُجيز بيع واستيراد المشروبات الكحولية. لكنها في المقابل، تفرض ضرائب عالية على استيراده. وكانت إدارة المنافذ البحرينية قررت في فبراير 2016، رفع قيمة الضريبة الجمركية المفروضة على الكحول بـ225%، ليرتفع ثمن زجاجة البيرة ذات النصف لتر إلى 6.75 دولارات بعد أن كان أقل من 3 دولارات. فلسطين: عكس الاتجاه في سبتمبر 2015، قررت دائرة المكوس والتبغ في وزارة المال الفلسطينية، خفض التعريفة الجمركية على الجعة بنسبة 46%. بينما خفضت الضريبة على المشروبات الكحولية الأخرى بنسبة 21%، تطبيقاً لقرار إسرائيلي. وكانت زجاجة الجعة المحلية ذات النصف لتر، تساوي 4.4 دولارات قبل القرار، لينزل ثمنها إلى حدود دولارين ونصف. وفي يناير 2016، سجلت وزارة المال الفلسطينية ارتفاعاً في مداخيل ضريبة المشروبات، التي تشمل المشروبات الكحولية. فبلغت 4.2 مليون شيكل، بارتفاع قدره 1.2 مليون شيكل عن الفترة نفسها من عام 2014. أما في قطاع غزة، الواقع تحت سيطرة حركة حماس الإسلامية منذ عام 2007، فإن الحكومة تمنع صنع أو استيراد الخمور بجميع أنواعها إليه. وهذا ما يدفع شاربي الخمور إلى تصنيعها منزلياً. تونس والمغرب: المفارقة الإسلامية في تونس والمغرب لم تقم الحكومتان برفع الضرائب على المشروبات الكحولية. لكن المفارقة تكمن في رفض حكومة حزب العدالة والتنمية، ذات التوجه الإسلامي، مقترحاً مقدماً من حزب علماني معارض، هو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، برفع الضريبة على استهلاك المشروبات الكحولية، في نوفمبر الماضي. وكانت الحكومة المغربية حصلت على رسوم وضرائب على الخمور والجعة، تجاوزت قيمتها 140 مليون دولار. كما يعتبر المغرب ثاني أكبر منتج للخمور في العالم العربي، إذ ينتج سنوياً نحو 40 مليون قنينة خمر. ووفقاً لآخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية عام 2014، يستهلك المغربي 17 لتراً من الكحول سنوياً. أما في تونس فمنح نواب حركة النهضة الإسلامية، المشاركة في الائتلاف الحاكم، أصواتهم لفصل في موازنة عام 2015، يقر تخفيض الضريبة على المشروبات الكحولية الرفيعة بنسبة 50%. وهذا ما وضعها في حرج كبير أمام أنصارها، بل إن قيادية كبيرة في الحركة، محرزية العبيدي، زارت في نوفمبر الماضي إحدى معاصر الخمور، وصرحت لاحقاً أنها لو كانت وزيرة للفلاحة لأعطت الاهتمام اللازم لقطاع الخمور. ويصل ثمن قارورة الجعة المحلية في تونس إلى 1.2 دولار. اقرأ أيضاً يسألونك عن الخمر... إيران و"حرية" تداول الخمر فيها حانات مصر عام 1843 ونجومها من عوالم وغوازي و"مخنّثين" أحمد نظيف صحافي تونسي يهتم بشؤون الجماعات الدينية والأقليات، مؤلف كتاب بنادق سائحة: تونسيون في شبكة الجهاد العالمي. يحمل إجازة في الإعلام وإجازة في الإخراج. كلمات مفتاحية الخمور العالم العربي التعليقات