×
محافظة المنطقة الشرقية

من هو الشخص الذي قتل السفير الروسي بأنقرة؟

صورة الخبر

يوسف أبولوز المتابع الجمالي والإبداعي للساحة الثقافية الإماراتية، منذ ثمانينات القرن الماضي وحتى اليوم، لابد أنه يتوقف عند حالة شديدة الخصوصية تتصل بالمبدعين الإماراتيين، وإذا لم أكن مخطئاً، فإن هذه الحالة ترقى إلى وصفها ب (الظاهرة)، ونادراً ما تتمثل بهذه الكثافة في مشهد ثقافي عربي آخر، وتحديداً في ما يتعلق بعناصر الظاهرة.. أي.. الكتّاب الذين أوجدوا مثل هذه الحالة، واللافت، في الإمارات أنهم شعراء.. ولكن ما هذه الحالة؟ أو، ما هذه الظاهرة؟ وبكلمة بسيطة تعلق وشغف الشعراء الإماراتيين بالسينما والمسرح والموسيقى والتشكيل، ومن خلال متابعة للعمل الثقافي منذ العام 1984 وحتى اليوم، لم يحدث أن تمت معاينة هذه الظاهرة، وذلك بالذهاب مباشرة إلى صناعها أو المنخرطين فيها، بأعمال إبداعية سينمائية ومسرحية وموسيقية وتشكيلية تجاور تماماً أعمالهم الشعرية، وتتماهى بها، ويظهر هذا التماهي في فرح الشاعر وسعادته القصوى بما أُنجز من مادة غنية، هي مختلفة في الجنس الفني عن الشعر، وإن كانت لغة الموسيقى أو التشكيل أو المسرح أو السينما هي لغة (شقيقة) للغة الشعر. كي لا أبتعد عن الأمثلة والشواهد العملية على هذه الظاهرة أذهب أولاً إلى السينما. في أوائل تسعينات القرن العشرين، أو للدقة في أواخر الثمانينات ظهرت مجموعة من الشعراء الإماراتيين مقبلة بنهم، إن جازت العبارة، على قصيدة النثر، ومن بين أولئك الشعراء: (مسعود أمر الله) الذي هجر الشعر، كما يبدو، أو من المؤكد أنه هجر الشعر وذهب بكل كيانه و(مشروعه) إلى السينما وثقافة السينما، ومسعود أمرالله، اليوم، هو واحد من أبرز المهتمين بالثقافة السينمائية إلى جانب الشاعرة نجوم الغانم، البارزة في قصيدة النثر، والتي أمدت المكتبة الشعرية بأكثر من عشر مجموعات بلغة هادئة صافية. تعلقت نجوم الغانم بقوس قزح السينما، وخرجت من يديها أفلام هي تكثيف لقصائد وأرواح وأمكنة وأشخاص، إلى جانب خالد البدور، الشاعر الهادئ أيضاً، والعذب في لغته الشعرية، والمسكون بالسينما كأنما هي قصيدة (ليلية) ثانية في بساطه الشعري الغنائي، إلى جانب الشاعر إبراهيم الملا المسكون بالسينما، والمتذوق عالي الحس الجمالي لها. شغف المسرح قلب الشاعر الراحل أحمد راشد ثاني. وعندما كان في العشرين من عمره، كتب للمسرح الإماراتي، وأكثر من ذلك عندما عمل فترة قصيرة وسريعة في الصحافة، كانت حفاوته بالمسرحي الإماراتي الشاب لا تقل عن حفاوته بالشاعر. كان في طبيعة أحمد راشد ثاني، ما يشبه أو يقترب من طبيعة المسرح (أبي الفنون)، فقد كان ذلك الجميل النحيل مثل خيط من خيوط قزح شاعراً. كتب جمعة الفيروز الشعر والقصة والخاطرة، ولكنه كان يجمع روحه الكتابية هذه مع روح الموسيقى، ووضع ألحاناً لمغنين، وطالما شد العود إلى جسده، فتحولت الموسيقى على أوتار العود إلى لغة وغناء وسرديات ليل. يكتب محمد المزروعي الشعر والقصة، ولكن (بيته الثالث) أقام معماره في اللوحة واللون والظل. شاعر وقبل الشاعر وربما بعده هو لاعب.. أو.. رسام. شعراء إماراتيون.. السينما والمسرح والموسيقى والتشكيل والغناء قطعة وقطاع من أرواحهم وانشغالاتهم الإبداعية، وهم ظاهرة ثقافية مختلفة ورائعة.