×
محافظة المنطقة الشرقية

روسيا تعتزم استخدام الفيتو ضد نشر مراقبين بحلب السورية

صورة الخبر

أفتح الآن التحدي أمام كل الأرض وأقول إن فن "الخط العربي" هو أدق فن عرفته البشرية حتى اليوم، في ضبط مسافاته وهندسته وبنائه، وأن أي انحرافٍ في رسم بعضه ولو قيد أنملة يفسدهُ عن قاعدته ولا قيمة له ولكاتبه، و الضّعف مآلُ وصفه، وهو مما لا يتوفّر بفنٍّ آخر سواه، وهو كذلك مما لم يحسن المسلمون تسويقه! ثم أفتح تحدياً ثانياً في سوق العالم كله، وأقول: إن الشعر العربي الذي وصل إلينا هو أدق كلام موزون ومنضبط عرفته البشرية، ولا يمكن إطلاقاً الخروج على بنائه الصحيح بنظمه العلمي قيد حرف أو نصف حرف أو ربع حرف كحركة وأقل من الربع كالسكون!!، ولا تمتلك أمة من الأمم هذا الانضباط الصارم في نطق شعرها. والخط والشعر هما "جوانب" إبداعية من لسان العرب، وليست الأصل، بل كأنهما غطاء أو ملابس للأصل وثمة أغطية جميلة العمق في الأدب والبيان واللغة. من كان قبلنا وجدوا أن سماع أبنائهم للغة بدأ يضعف فلا يفرقون بين "ما أجملُ السماءِ" و"ما أجملَ السماءَ" بالرفع والفتح!! وتأثيره على معنى المراد من الكلام، فالأولى للسؤال، والثانية للتعجب!! عندها خافوا جدا على فساد لسان العرب، فنقلوها من "السماع" إلى "التقعيد والسماع"، أي جعلوا لها قاعدة تضبطها لتحفظها من الضياع، فوصلوا لمنتهى العلم فيها، وقالوا الكلام "اسم وفعل وحرف ة" وقالوا شرحاً: هو 1- اللفظ 2- المركب 3- المفيد 4- بالوضع!! وكل كلمة فيها شرح طويل. ما هو المطلوب منا الآن كحاملين للسان العرب وأهميته العظيمة لنحو "ربع الكرة الأرضية" فكل مسلم يعرف قيمة "لسان العرب" ناهيك عن "الطامعين" الذين يحتاجونه لطمعهم فيه. علينا أن نفهم جيداً أن هذا الزمن قد ضاع فيه السّماع للسان العرب الصحيح، وصعب فيه "التقعيد"، أي انضباط اللغة على ما كان قبلها بقواعدها لصعوبة بناء هذه القواعد في هذا الزمن! وعليه وجب علينا أن نعيد اللغة العربية بطريقة "ولّادة " وأعلى ولادةٍ للسان العرب اليوم هي أن نجعلهُ "كحاضنٍ للعلوم" وهذا أخطر التحديات وأبلغُ تجلّياتها. وقد بحثت في هذا الموضوع، ووجدتُّ الحلّ الكبير، الذي انْتهجهُ الخليفة "أبو جعفر المنصور" يوم أراد أن يبدأ مسيرة العلوم في بغداد، ونقل اللغة من سمتها "القدْسي القرآني الأدبي" إلى لغة العلوم فبدأ مشواراً رائعً كتب له الصعود في بضع سنين معتلياً مدارج النجاح، أتى بالمترجمين من اللسان الفارسي والسنسكريتي "هند " والكلداني وعشرات الألسن الأخرى، وحول معاني العلوم التي تمتلكها تلك الأمم إلى "العربية" برسومها ومعانيها وخرائطها؛ لأن خطورة العلم تكمن في فهم السياق منه!! وصنع "مجمّعاً" أو بيتاً، لجمع ما استحدث من هذه الصنعة، فكان في هذا البيت علومٌ لا تنتهي، وترجمة لا تتوقف، حتى بدأ بعدها "العلم التجريبي" وهو أول خطوة في باب العلم الصحيح وهو: أنك تجرب العلم وتراقب سلوكه ليكون لك قانون فيه. وفهم السياق من مقصد العلم لا يكون إلا بفهم تامٍّ للغته، كما قال ابن خلدون رحمه الله، وهذا ما يقع فيه "العرب" اليوم!! وذاك أنهم يقرؤون علماً "هندسة، طب، جيولوجيا" بمثابرة على فهم "العلم" وفهم سياق اللغة منه، فينحدر المستوى، في صنعة العلم نفسها فلا يفهمون لغة، ولا يتقنون علماً! وهنا أهديكم أسماء المترجمين الذين عينهم أبو جعفر المنصور رحمه الله؛ لينقلوا العلوم من اللغات إلى العربية، ولتبدأ بعدها مسيرة الإبداع كان أشهر النقلة من الفارسية إلى العربية: ابن المقفع، والفضل بن نوبخت، وموسى ويوسف: ابنا خالد، وكثير غيرهم. ومن الذين نقلوا عن اللغة السنسكريتية (الهندية): منكة الهندي، وابن دهن. ومن الذين نقلوا عن اللغة النبطية (الكلدانية): ابن وحشية، نقل كتباً كثيرة. أهمها: كتاب الفلاحة النبطية. ولقد بلغ عدد الكتب التي نقلت في تلك الحقبة القصيرة بضع مئات. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.