بكين: مساعد الزياني - الرياض: بندر الشريدة - جدة: إبراهيم الأمين وقعت السعودية والصين أمس اتفاقية برنامج للتعاون لحماية المستهلك السعودي، وذلك ضمن إطار زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي إلى الصين، وذلك بين وزارة التجارة والصناعة السعودية والمصلحة العامة لرقابة الجودة في الصين. وشهد التوقيع ولي العهد السعودي ونائب الرئيس الصيني لي يوان تشاو. وقال الدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة والصناعة السعودي لـ«الشرق الأوسط» إن الاتفاقية الموقعة بين بلاده والصين، أمس، استغرقت وقتا طويلا حتى وصلت إلى الصيغة الحالية، مشيرا إلى أنه خلال فترة التباحث، جرى استعراض تجارب الدول، وأن إحدى أهم التجارب الثرية كانت تجربة الاتحاد الأوروبي. وتهدف الاتفاقية للحد من تدفق البضائع الاستهلاكية المقلدة والمغشوشة للأسواق السعودية، وذلك باتخاذ عدة تدابير منها وضع قائمة سوداء بأسماء التجار والمصانع التي تتورط في تقليد وغش المنتجات في كلا البلدين، وضمان عدم تمكنها من التصدير أو الاستيراد للبلد الآخر، إضافة لوضع قائمة سوداء بالمختبرات وجهات منح شهادات المطابقة المخالفة للأنظمة المحلية المتورطة في تداول سلع مقلدة أم مغشوشة. وأضاف الربيعة «وقعت الاتفاقية بعد نقاش طويل مع الصينيين، والأهم من ذلك هو التطبيق، حيث ستكون هناك اجتماعات كل ثلاثة أشهر، وذلك من خلال الجهات المختصة في السعودية ومن الملحق التجاري السعودي في الصين، لضمان تطبيق الاتفاقية بشكل جيد». كما تتضمن الاتفاقية معاقبة المستوردين المتورطين في الغش والتقليد في بلد الاستيراد وإشعار الطرف الآخر لمعاقبة المصدر والصانع، وتبادل المعلومات عن نتائج المختبرات والجهات المانحة لشهادات المطابقة التي تكون مخالفة للواقع، وتبادل الاجتماعات بين الطرفين لمتابعة تنفيذ بنود الاتفاقية بكل حرص ودقة. وأضاف الربيعة «إن العقوبات ستدخل ضمن نظام عقوبات الغش التجاري، حيث تطبقه الوزارة بشكل جيد، والتي منها أنظمة التشهير والغرامات، وغيرها من وسائل العقاب الموجودة في نفس النظام، بالإضافة إلى أن الجانب الصيني سيطبق النظام الخاص به، في وقت تعد العقوبات في المملكة فاعلة في تقليل الغش»، وحول مدى فاعلية الوزارة فيما يتعلق بالرقابة التجارية في السعودية، أكد الربيعة أن وزارته تسعى إلى خدمة المستهلكين بشكل أفضل، وذلك من خلال إنشاء مركز اتصال وتطبيقات إلكترونية، حيث تضاعف حجم الاتصالات خلال 20 شهرا الماضية في حدود 12 ضعفا، مما يشير لوجود نمو هائل في الاتصالات، إضافة إلى أن وزارة التجارة تقيس مستوى الرضا، من خلال المستهلكين أو مستوى الخدمة المقدمة لهم، حيث كانت قبل المدة نفسها - 20 شهرا - نسبة 25 في المائة في حين بلغت في الوقت الحالي نحو 75,8 في المائة، وقال «هذه نتيجة لمتابعة وزارة التجارة للأسواق، وبالتالي ستستمر، ونسعى للأفضل وسنعمل لخدمة المستهلكين، وأعتقد أن حماية المستهلك هي حماية للتجار الأمناء، الذين يشكلون أغلب تجار السعودية، وللعلم أن كثيرا من التجار مؤيدون لما تقوم به الوزارة، حيث إن تلك الجهود هي حماية للتاجر الصادق الذي لا يستطيع أن يعمل في بيئة تتضمن غشا واحتيالا، وأشدد على أن أغلب التجار لدينا صادقون وأمناء، وهناك من أثروا على التجار الآخرين بشكل سلبي ولكنهم قلة، وتلك الجهود هي لمصلحة تطوير التجارة في السعودية». من جانبه، قال الدكتور سعد مارق، رئيس اللجنة المالية في مجلس الشورى السعودي، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»: «إن توقيع اتفاقية مراقبة الجودة والفحص والحجر الصحي في الصين تحسب لوزارة التجارة، فالصين هي أكبر دولة مصدرة للسعودية، ولذلك كان من الضروري توقيع اتفاقية مراقبة الجودة معها، وهي السياسة التي يتبعها الاتحاد الأوروبي مع الدول المصدرة لحماية المستهلكين والسوق المحلية من أخطارها». وأضاف: «ستدفع هذه الاتفاقية الصينيين أنفسهم إلى مراقبة الجودة قبل السماح للمنتجين الصناعيين بتصدير منتجاتهم إلى المملكة، ما يشكل رقابة إضافية تضاف إلى جهود الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة». وأردف مارق: «كما يحسب لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية مبادرتها في استثمار زيارة ولي العهد للتوقيع مع إدارة الفضاء الوطنية الصينية، فالصين تُعد من الدول المتقدمة في مجال أبحاث الفضاء وصناعة تقنياته وآلياته، ومثل هذه الاتفاقية ستسهم في تطوير قسم أبحاث الفضاء والاتصالات والأقمار الصناعية في مدينة الملك عبد العزيز». وتعليقا على بقية الاتفاقيات، أكد الدكتور فضل أبو العينين، المحلل الاقتصادي السعودي، أن زيارة الأمير سلمان للصين تعد ناجحة بكل المقاييس، لا سيما في المجالين الاقتصادي والعسكري، حيث تحولت هذه الشراكة إلى شراكة استراتيجية فاعلة بين البلدين، في حين تعد الصين إحدى أهم الدول المستورة للنفط من المملكة. وأضاف الدكتور أبو العينين في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الصين تعد واحدة من أهم الأسواق التي تستورد المنتجات البتروكيماوية، في حين تزداد الحاجة إلى النفط المستورد نظرا لنمو الصناعات الصينية، بينما تلعب الشركات الصينية دورا متناميا في السعودية من خلال الاستثمار في مجال تطوير البنى التحتية. إضافة إلى ذلك، قال الدكتور إحسان أبو حليقة، الخبير الاقتصادي والعضو السابق في مجلس الشورى، إن الصين تمثل إحدى أهم الدول التي تعد شريكة للمملكة، خصوصا أنها تستورد ثلث وارداتها من النفط، مضيفا في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه العلاقات ستزداد متانة في هذا الجانب مع ارتفاع استهلاك الصين للنفط في السنوات المقبلة». من جهته، عد الدكتور سعدون السعدون، رئيس لجنة الاتصالات وتقنية المعلومات في مجلس الشورى السعودي، الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي جرى توقيعها مع الجانب الصيني جاءت بحكم العلاقة التاريخية والاستراتيجية بين البلدين من القدم، وقال لـ«الشرق الأوسط»، «هذا ما يؤكده ميزان التبادل التجاري الكبير بين البلدين في جميع المجالات كونها من ضمن الدول التجارية العشرين». من ناحيته، أكد الدكتور فؤاد بوقري، عضو اللجنة التنفيذية لمجلس الأعمال السعودي - الصيني المشترك، لـ«الشرق الأوسط»، أن الصين تعد الدولة الأولى عالميا من ناحية التصدير، وهي شريك اقتصادي وسياسي مهم، الأمر الذي يتضح جليا من خلال التعاون السعودي - الصيني المشترك في جميع المجالات باعتبارها شراكة صناعية واستراتيجية تقوم على أضخم الإمكانات من رأسمال سعودي وقوى عاملة صينية، مشيرا إلى أن هذه الزيارة امتداد لما قبلها وتفعيل للاتفاقيات المبرمة سابقا خلال زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز آنذاك، والتي بدورها وثقت تلك العلاقة، وأثمرت وضع أرضية قوية لرجال الأعمال والمستثمرين في البلدين، وبالتالي شجعت على إنشاء علاقات وثيقة في جميع المجالات إلى جانب توحيد الرؤى الاقتصادية. وقال بوقري: «إن جميع هذه التوجهات تتجلى في الحكمة السعودية باختيار شركائها الاستراتيجيين في الوقت التي لم تغفل فيه الجانب السياسي عنه»، مشيرا إلى أنه خلال الفترة الماضية جرى تأسيس عدد من مجالس الأعمال المشتركة وأولها المجلس السعودي – الصيني، والذي بدوره يلعب إلى جانب الأعمال والاقتصاد دورا أساسيا في تحسين العلاقات وزيادة حجم التبادل التجاري والتقني، عبر إشراك رجال الأعمال والمستثمرين من الجانبين في مؤتمرات وندوات واجتماعات لتحديد أهداف ومتطلبات المنطقة اقتصاديا، متوقعا في الوقت نفسه زيادة النمو في العلاقات بين البلدين من خلال إنشاء مشاريع مشتركة في السعودية من شأنها استيعاب الشباب السعودي في عدد من المشاريع الكبرى، إضافة إلى إزالة العوائق وتمهيد طرق تجارية سريعة للصادرات والواردات بين البلدين.