جيلفيغوزو (تركيا) - قال مصدر دبلوماسي تركي ان وزير الخارجية مولود تشاوش اوغلو "تحادث 13 مرة" الجمعة مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف لمناقشة الوضع في مدينة حلب السورية. وقررت الحكومة السورية الجمعة تعليق عمليات اجلاء المدنيين والمقاتلين من حلب الشرقية وترك الآف الاشخاص محاصرين لا يعرفون مصيرهم. وبدأت عملية الاجلاء الدقيقة الخميس بموجب اتفاق وقف لاطلاق النار توسطت فيه تركيا المؤيدة للمقاتلين المعارضين وروسيا التي تدعم نظام الرئيس بشار الاسد. لكن دمشق علقت العمليات بشكل مفاجئ، متهمة المقاتلين بانتهاك الاتفاق الهش. وسرعان ما كثفت تركيا جهودها الدبلوماسية مع الفاعلين الرئيسيين بمن فيهم ايران. وصرح المصدر الدبلوماسي للصحافيين ان تشاوش اوغلو "تحادث 13 مرة مع نظيره الايراني منذ صباح الجمعة". وتتهم المعارضة السورية الحكومة بتعليق عمليات الاجلاء في محاولة لضمان اجلاء سكان من الفوعة وكفريا، القريتين الشيعيتين الخاضعيتن لحصار مقاتلي المعارضة في محافظة ادلب. وقد دعا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الجمعة جميع الاطراف الى احترام وقف اطلاق النار في حلب للسماح بمواصلة عملية الاجلاء من الاحياء الشرقية في المدينة. وكتب اردوغان في سلسلة تغريدات على موقع تويتر "اناشد جميع الاطراف والمجتمع الدولي احترام اتفاق الهدنة ودعم تنفيذ عملية الاجلاء". واضاف ان "الهدنة التي تفاوضت تركيا في شانها في حلب واستمرار عمليات الاجلاء هي الامل الاخير المتبقي للابرياء". تعليق الاجلاء من حلب علق الجيش السوري الجمعة عملية اجلاء المدنيين ومسلحي المعارضة من شرق مدينة حلب التي دمرتها المعارك معلنا ان السبب هو "عدم احترام المسلحين لشروط" الاتفاق الهادف الى اخراج الاف السكان العالقين في ظروف مأسوية. واعتبر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الجمعة ان "حلب باتت مرادفا للجحيم" داعيا على غرار الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى استئناف عمليات الاجلاء. وبدأت عملية الاجلاء الخميس على ان تستمر اياما عدة يمكن بعدها للنظام السوري اعلان استعادة المدينة باكملها وتسجيل اكبر انتصار منذ اندلاع النزاع في 2011. لكن الجيش السوري اتهم المقاتلين بخرق الاتفاق الذي رعته تركيا وروسيا واتاح خروجهم من المدينة مع عائلاتهم بعد معارك ضارية. وقال مصدر عسكري ان العملية "لم تنته، بل علقت. المسلحون خرقوا مضمون الاتفاق". وعزا المصدر تعليق العملية الى "اطلاق نار، ومحاولة اخذ مخطوفين (معهم من حلب الشرقية) ومحاولة تهريب اسلحة متوسطة في حقائب". وقالت ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا اليزابيث هوف "طلب من موظفي الصليب الاحمر والهلال الاحمر ومن منظمة الصحة العالمية (وهي الجهات المشرفة على عمليات الاجلاء) مغادرة الموقع"، من دون تلقي تفسير لذلك. وكان الجيش الروسي اعلن في وقت سابق انتهاء عمليات اجلاء المقاتلين وعائلاتهم، وان الجيش السوري يقوم بتصفية "اخر الجيوب المقاومة" في حلب. من جهته، قال مبعوث الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا الخميس انه لا يزال نحو 40 الف مدني عالقين في حلب وما بين 1500 الى 5000 مقاتل مع عائلاتهم. ومنذ الخميس، تم اجلاء نحو 8500 شخص بينهم 3 الاف مقاتل نحو اراض تسيطر عليها فصائل المعارضة وفق المرصد السوري لحقوق الانسان. وقالت وسائل الاعلام السورية ان العدد بلغ نحو 8 الاف. وفي خان العسل الواقعة في ريف حلب الغربي والتي وصل اليها عدد ممن تم اجلاؤهم قال محمد الاستاذ الجامعي "كان الامر كارثيا. اديت الصلاة للمرة الاخيرة في حلب وبكيت. اجهل ماذا سافعل". وقال ابو احمد صلاح الذي لا يزال يرتدي بزته العسكرية "لقد غادرنا ارضنا. الجميع تركونا نسقط". واكد احمد الدبيس الذي يقود وحدة اطباء ومتطوعين ينسقون اجلاء الجرحى ان 250 جريحا على الاقل اخرجوا من المدينة وان بعضهم نقل الى تركيا. وبين هؤلاء، عجوز اصيب في ساقه ونجلاه الذي خسر احدهما ساقه والاخر احدى عينيه. وقد نقلوا جميعا الى مستشفى في باب الهوا على بعد اربعة كلم من الحدود التركية. وقال عجوز اخر طالب بان يعالج في تركيا "ما حصل لنا سببه برميل متفجر لبشار" الاسد. وعزا مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن تعليق عملية الاجلاء الى عرقلة بعض الفصائل المقاتلة اخراج الجرحى من قريتي الفوعا وكفريا الشيعيتين اللتين تحاصرهما في محافظة ادلب المجاورة. وكان اخراج الجرحى احد شروط الاتفاق حول حلب. اجتماع لمجلس الامن وبعد حصار استمر اكثر من اربعة اشهر، سمح هجوم واسع وعنيف بدأ قبل شهر للجيش السوري وحلفائه باستعادة اكثر من تسعين بالمئة من الاحياء التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة في حلب منذ تموز/يوليو 2012. وتأتي عملية الاجلاء في اطار اتفاق تم التوصل اليه برعاية تركية روسية لاجلاء مقاتلي المعارضة ومدنيين من آخر المناطق التي تسيطر عليها الفصائل في شرق حلب، اثر هجوم واسع لقوات النظام السوري ضد الاحياء الشرقية استمر شهرا. وتعتبر محافظة ادلب المعقل الاخير المهم للفصائل المسلحة التي لم تعد تسيطر الا على القسم الاكبر من محافظة درعا الجنوبية ومناطق قريبة من دمشق يحاصرها النظام. وعانى سكان حلب خلال المعارك التي استمرت شهرا ظروفا مأسوية تحت وابل من الصواريخ والبراميل المتفجرة. وقتل خلال هذه الفترة مئات من المدنيين ودفع الحصار والجوع اكثر من مئة الف الى الهرب من المدينة التي تحولت الى خراب امام اعين المجتمع الدولي العاجز. وكان التدخل الروسي في 2015 اتاح لقوات النظام السوري استعادة زمام المبادرة. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة "نجري مفاوضات مع ممثلي المعارضة المسلحة، خصوصا بفضل وساطة تركيا"، معلنا ان "المرحلة المقبلة" لسوريا ستكون "وقفا لاطلاق النار على كل الاراضي السورية". واضاف "اتفقنا في اتصال هاتفي مع (الرئيس التركي رجب طيب) اردوغان ان نقترح على مختلف اطراف النزاع مكانا جديدا لمحادثات سلام، قد يكون عاصمة كازاخستان استانا". وعقد مجلس الامن الدولي اجتماعا الجمعة لبحث مشروع قرار فرنسي حول نشر مراقبين دوليين يشرفون على عمليات الاجلاء من حلب وايصال المساعدة الانسانية. واعلن السفير الفرنسي فرنسوا دولاتر ان بلاده تأمل بـ"تفاهم يشمل روسيا" حول مشروع قرارها في شان حلب فيما قالت السفيرة الاميركية سامنتا باور ان مجلس الامن قد يصوت على المشروع نهاية الاسبوع. الى ذلك، شهد قسم شرطة في دمشق الجمعة انفجارا نتج من تفجير حزام ناسف من بعد كانت ترتديه طفلة ما ادى الى اصابة ثلاثة شرطيين، وفق ما ذكرت صحيفة الوطن السورية القريبة من النظام.