×
محافظة المنطقة الشرقية

لجنة المسابقات تؤجل لقاء الاتحاد والفتح

صورة الخبر

أصيب الشيخ رشيد رضا رئيس المؤتمر السوري العام الذي أعلن في آذار (مارس) 1920 فيصل بن الشريف حسين ملكاً على سورية، بصدمة نتيجة سقوط دمشق بأيدي الفرنسيين إثر معركة ميسلون بعد أربعة أشهر من ذلك الإعلان. وكان أستاذه الشيخ محمد عبده قد أصيب بصدمة بعد هزيمة أحمد عرابي أمام الإنكليز عام 1882 ما دفعه لاعتزال السياسة لصالح التربية والإصلاح الديني، وهو ما أوصله ليس فقط إلى الافتراق عن السيد جمال الدين الأفغاني بل أيضاً إلى التعاون مع المعتمد البريطاني على مصر اللورد كرومر الذي كانت له يد طولى ضد إرادة الخديوي عباس حلمي في تعيين الشيخ مفتياً على الديار المصرية. كان تأثير «صدمة ميسلون» معاكساً عند الشيخ رضا عندما دفعه ذلك إلى التصلب الديني والبعد عن النزعة الإصلاحية. فاقم هذا ظهور أتاتورك وإلغاؤه الخلافة الإسلامية. كانت للشيخ رشيد رضا تأثيرات كبيرة على الشيخ حسن البنا الذي أسس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 في مصر. كما كان التبادل بين دمشق والقاهرة من خلال الشيخين رضا والبنا فإن حمصياً درس في الأزهر، هو مصطفى السباعي، أسس بعد عودته الفرع السوري لجماعة الإخوان المسلمين. ولم يكن السباعي شخصاً عادياً في تاريخ الجماعة، بل يمكن اعتباره صاحب فكر تأسيسي لاتجاه حاول حرف الجماعة باتجاه أقرب إلى نموذج الأحزاب الديموقراطية المسيحية مازجاً الليبرالية مع النزعة الإسلامية، لا يضاهيه في هذا سوى علال الفاسي مؤسس حزب الاستقلال في المغرب الذي أصبح في مساره اللاحق حزباً ليبرالياً محافظاً. كانت للسوريين يد طولى في تأسيس اتجاهات الحركة الإسلامية العالمية: الاتجاه السلفي الحديث أسسه دمشقيان: محب الدين الخطيب (1886-1969) وناصر الدين الألباني (1914-1999)، وهو اتجاه يستمد منبعه من ابن تيمية ويتفارق كاتجاه مع أصولية حسن البنا في موقفه التقريبي بين السنة والشيعة، ومنه نبعت «السلفية الجهادية»، ولكن عبر قناتين سوريتين أيضاً:1 - محمد سرور زين العابدين (1938-2016) الذي أسس «الإخوانية السلفية» أو «السلفية الإخوانية»، والذي ترك «الإخوان» بعد مغادرته سورية في الستينات للتدريس في السعودية. وكانت لاتجاهه، أي «السرورية»، تأثيرات كبرى في الأوساط الثقافية والأكاديمية في دول الخليج. 2- أبو مصعب السوري: مصطفى ست مريم نصار (مواليد 1958) الذي أصبح المنظر الرئيسي لتنظيم «القاعدة» في أفغانستان بعد أن أتى من تنظيم «الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين» الذي أسسه الحموي مروان حديد عام 1975 وهو المتأثر بأفكار سيد قطب أثناء دراسته في كلية الزراعة في القاهرة.   صعود التشدد من الملاحظ في مسار الحركة الإسلامية في سورية صعود التشدد بعد وصول حزب البعث إلى السلطة في آذار (مارس) 1963 على حساب اعتدال مصطفى السباعي وخليفته الدمشقي عصام العطار. وكان أول من تصدى لأفكار السباعي الشيخ الحموي محمد الحامد الذي تتلمذ مروان حديد على يديه. وفي 1969 انشق الإخوان المسلمون بين «جماعة دمشق» بزعامة العطار و «جماعة حلب» بقيادة الشيخ عبد الفتاح أبوغدة وأمين يكن. وعندما تشكل «التنظيم العام للإخوان المسلمين في سورية» عام 1975، تحت إشراف المركز المصري، كان هذا عملياً اتحاداً بين الحلبيين والحمويين مع ثقل إدلبي واستبعاد لتنظيم العطار، في موازاة اقتراب من تنظيم «الطليعة المقاتلة». في كانون الأول (ديسمبر) 1980 اندمجت الأجنحة الإخوانية الثلاثة وشكلت «قيادة الوفاق»، ما شكل انتصاراً لخط مروان حديد في أثناء ذروة المجابهة مع السلطة السورية التي أشعلها «تنظيم الطليعة» عبر مجزرة مدرسة المدفعية في حلب يوم 16 حزيران (يونيو) 1979. وكانت «قيادة الوفاق» هي التي قادت معركة حماة في شباط (فبراير) 1982 التي انتهت بهزيمة التنظيم العسكري الإخواني. وعلى الأثر اضمحل تنظيم «الطليعة» الذي انشق أفراده عن «قيادة الوفاق» منذ آذار 1982 احتجاجاً على دخول «الإخوان» في تحالف مع بعث العراق سمي «التحالف الوطني لتحرير سورية»، ليذهب قسم إلى دمشق ويعقد مصالحة مع السلطة عام 1985 فيما ذهب آخرون إلى أفغانستان. ثم حصل انشقاق 1986 بين تنظيم أغلبه حموي وإدلبي تزعمه عدنان سعد الدين وآخر من جناحي 1969 الحلبي والدمشقي كان أكثر اعتدالاً من الأول وأكثر ابتعاداً عن بغداد. عندما أعيد اندماج الجناحين عام 1996 وسمي علي صدر الدين البيانوني مراقباً عاماً للجماعة كان هناك اتجاه نحو استعادة اعتدال مصطفى السباعي وعصام العطار. وقد برز هذا في مرونة سياسية أبداها البيانوني مع العهد الجديد في دمشق بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد عام 2000، وقد تطورت هذه السياسة نحو انفتاح فكري على التيارات السياسية الأخرى تجسد في وثيقتين أصدرتهما الجماعة: «ميثاق الشرف الوطني» عام 2001 و «المشروع السياسي لسورية المستقبل» في 2004.   بداية التراجع عندما كانت السلطة السورية تضعف، كما حصل في لبنان عام 2005، كان «الإخوان» يتجهون فوراً إلى التخلي عن الاعتدال، كما فعلوا في بيانهم يوم 3 نيسان (أبريل) 2005. وقد تطور هذا في آب (أغسطس) 2010 نحو سيطرة للمتشددين الحمويين على التنظيم مجدداً، ويقود هؤلاء قسماً كبيراً من المعارضة السورية عبر «المجلس الوطني السوري» المشكل في إسطنبول عام 2011. لم يستطع الإخوان المسلمون في سورية تحقيق ما حققه راشد الغنوشي ومحمد بديع في تونس والقاهرة عامي 2011 و2012. وكان انفراط تحالف واشنطن مع «الإخوان» بداية نزولهم عام 2013 عن الزعامة السياسية للمعارضة السورية. وكانت لاتجاه العسكرة الذي شجعه «الإخوان» السوريون منذ خريف 2011 نتائج سلبية عندما أصبح تيار السلفية الجهادية عند «أحرار الشام» و «جبهة النصرة» و «لواء التوحيد» هو الأقوى في وسط الإسلاميين السوريين منذ أواخر عام 2012 وبرز أكثر عامي 2013 و2014، خصوصاً مع بروز تنظيم «داعش» منذ نيسان 2013. ولا بد من الإشارة إلى الخلفية الريفية لمعظم قادة الفصائل الإسلامية السلفية الجهادية، وكذلك ريفية قاعدتها الاجتماعية، فيما كان جمهور «الإخوان» مدينياً من الفئات الوسطى في السبعينات مع الاستثناء الإدلبي الريفي. هُزم الإخوان المسلمون عسكرياً في حماة 1982، وهُزمت «السلفية الجهادية» عسكرياً في حلب 2016: ما مصير الحركة الإسلامية السورية في ضوء الفشل في المجابهتين؟     * كاتب سوري