×
محافظة جازان

أمير جازان يدشن مهرجان العسل اليوم

صورة الخبر

كيف تتصرف إذا وصلتك عدة رسائل عن قضية واحدة مهمة مقرونة بحكم أو تعليق واحد؟ هل تملك عقولنا، والحالة هذه، الحكم والتفكير بشأنها أم أننا ننساق مع الحكم الجاهز من مئات الناس وعشرات المنصات الإعلامية المتعددة؟ يقول «جوستاف لوبون» صاحب كتاب سيكولوجية الجماهير: إن العقل الفردي يختلف عن العقل الجمعي في التفكير، فالأول ‫(‬الفردي‫)‬ قد يصل إلى قرارات منطقية، ولكنه إذا انجرف مع العقل الجمعي فقد يتصرف بصورة سلبية‫.‬ آية كريمة تتحدث عن نفس منطق العقل الجمعي والفردي: ‫{‬قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جِنة}. وهو تعبير جلي عن التنفير من العقل الجمعي السلبي الذي يُغيّب عقل الفرد ويسلبه التفكير الأحادي المستقل. لا شك أننا نتأثر بالتعليقات والآراء في المجالس والإعلام وكذلك الرسائل التي تصلنا، غير أن الحالات التي تتطلب رأيا أو حكما فإن المطلوب هو تفكيك وتشريح هذا الحكم الجمعي فقد ننظر (منفردين) من زوايا أشمل دون تأثيرات خارجية، ولا يمنع من الاستفادة من رأي آخر أو الميل له بعد عرضه على انفراد. في البيع والشراء، يحكمنا، غالبا، رأي الأكثرية، وسوق الأسهم خير مثال مما أدى لخسائر كبيرة خاصة في انهياره الكبير قبل حوالي عقد من الزمن. الأمثلة كثيرة في يومنا هذا ومنها قصيدة حيدر العبدالله التي ألقاها أمام ملك الحزم. للحق أنني استمتعت بالقصيدة (منفردا) رغم سماعي لسيل جارف من التهكم والازدراء. إذاً من المستفيد؟ القاعدة تقول إذا أردت معرفة الجاني فابحث عن المستفيد. أولهم أعداء الوطن، دعاة الأممية وإلغاء مسمى الوطن، لاسيما أن مطلع القصيدة دمغ العقول المسممة بفكر الحاكمية: وطنٌ دون حوضه نتفانى وعن العيش فيه لا نتوانى كارهو الولاء للوطن لديهم حساسية مفرطة ضد كل ما فيه حب الوطن، والولاء له ولقيادته حتى شاهدنا أعضاء الجماعات الإرهابية يرفضون انتسابهم لأوطانهم مما دعاهم إلى اختراع ألقاب مثل الجزراوي أو الجزري نسبة للجزيرة العربية. دعاة الطائفية؛ الطائفيون يفقدون صوابهم إزاء كل ما يدعو للتعايش واللحمة الوطنية بين أطياف المذاهب على أرض الوطن. هذا التلاحم الوطني بمكوناته المختلفة يفسد مشروعهم الفاسد للإطاحة بالنسيج الاجتماعي ومن ثم تسود النزاعات الأهلية وتنشأ على إثرها جريمة اختلال الأمن وتتوالد جراثيم الفوضى التي هي مرتعهم الخصب. العنصريون أيضا لهم أدوار جسيمة، فهم ينظرون بعين المناطقية السوداء والتي أطلق عليها إدوارد سعيد مصطلح الامبريالية الثقافية، وتعني الفوقية الاجتماعية ومنها الفوقية المناطقية، وكذلك الفوقية العائلية والفردية. بغض النظر عن القصيدة التي هي كانت مجرد مثال للعقل الجمعي، إلا أننا نشهد الحملة الشرسة التي تتعرض لها بلادنا، بين الفينة وأختها، لإيقاد الفرقة وضرب الاستقرار والسلم الوطني. لذا فإن جهات معادية، في الداخل والخارج، تلجأ إلى خلق، أو استغلال، ما هو موجود من مناكفات داخلية وقد تقلبها لقضية رأي عام (جمعي) عن طريق بث آلاف التعليقات المسمومة والتغريدات والوسوم المغرضة. الأعداء يبحثون عن خرم إبرة يعبرون من خلاله إلينا، بينما نحن، وللأسف، نساعدهم ونُصر على منحهم الذخيرة لتصويبها ضدنا! سيول جارفة من الرسائل المعادية الممنهجة تتحول لرأي جمعي تسهم في خلق الأجواء الملتهبة لدى المجاميع المنقادة لحدث ما ينتشر في وسائل الإعلام الجديد. علينا إيجاد ثقافة مواكبة للإعلام الجديد تجعلنا نفكر بشكل ناضج لتحصين أفراد المجتمع من الانقياد لأفكار الضنك المتطرفة، التي تعمل ليل نهار على أن تلقي بنا في هاوية الصراعات من خلال التأثير الجمعي، مسخّرة التقنية الحديثة لخدمة أهدافها. نقلا عن صحيفة الوطن