قرأنا في الأيام الماضية الحُكم القضائي الذي أصدره قاضي المحكمة الجزائية بجدة لصالح أحد عملاء شركات تأجير السيارات المنتهية بالتملك. الحكم أثار حفيظة بعض الشركات، وأعاد الأمل لبعض عملائها المنتهكة حقوقهم. هذا الحكم يُعدُّ تاريخياً -إن جاز الوصف- بعد أن أصبحت أغلب شركات وبنوك تأجير السيارات المنتهية بالتملك تتخطى كل الأنظمة، وتتخطى بنود العقود المبرمة بين الطرفين بلا أدنى مسؤولية أو إنسانية، وتحت حماية من بعض قطاعات الأمن التي دأبت على حماية حق الطرف الأقوى؛ ليصبح عملها يختصر بـالتعقيب لهذه الشركة أو ذاك البنك، دون مبالاة بحق المواطن المغلوب على أمره؛ فتكون الحماية لحقوق طرف واحد صارمة، أما الطرف الآخر فالروتين كفيل ببهدلته على الآخر. نعم، نحن بحاجة للكثير من هذا القاضي الذي وضع النقاط على الحروف لكل تلك الشركات المتساهلة بحقوق عملائها، والمبتزة لهم دون أي رادع. فهذا القاضي الشهم اصطف إلى جانب حق هذا المواطن البسيط في الحصول على سيارته التي سُرقت من أمام منزله متجرداً من مصالحه الشخصية ومتسلحاً بمخافة الله فيما أوكل إليه من أمانة. نحن نرغب في وجود جهة واضحة، تضبط وتراعي الحفاظ على حقوق الجميع بالتساوي، وبمكيال واحد، والوقوف على تلك العقود التي يُغبن بواسطتها المشتري، فيكون هو دائماً في مقام السارق دون أن تتم معاملته كمشتر بصفة المستأجِر، له في العقد حقوق، كما عليه واجبات. وأخيراً، القاضي علّق الجرس، ورفع الكارت الأحمر في وجوه شركات الابتزاز، وحرّك المياه الراكدة تحت هذا الملف الذي عذّب الكثير من المغلوبين على أمرهم.. فشكراً له.