×
محافظة تبوك

العمل : إغلاق عشرة محال لم تلتزم بضوابط بيئة العمل

صورة الخبر

اعتاد السعوديون على تسمية نسائهم بالحريم، وبالرغم من المدلولات التاريخية لهذا الاسم إلا أن المجتمع السعودي لم يجد في نفسه حرجاً من أن يفرط في استخدام هذا الاسم حتى ألفته النساء السعوديات على أنفسهن ولم تمتنع معظمهن من استخدامه لوصف أنفسهن أو غيرهن من النساء. ذكرت لي إحدى السيدات موقفاً طريفاً يظهر جانباً مهماً في مجتمعنا وطريقة تربيتنا لأبنائنا. فقد كانت تصطف مع غيرها من النساء أمام أحد المطاعم في أحد أسواق الرياض لتطلب وجبة لها وبمحاذاتها كان طابور الرجال، وبينما كانت تنتظر سمعت طفلاً يسأل أباه ببراءة في أي الصفين يقف ليطلب وجبته، وقبل أن يرد الأب سبقته إحدى النساء (الملاقيف) وهي تقف خلفه: يا شاطر هذا طابور الحريم، أنت تقف هناك مع الرجال! أعاد الطفل سؤاله للأب متجاهلاً لها فبادره بابتسامة أنت تقف في طابور السيدات تعال وقف معي في طابور الرجال، سأله الطفل مرة أخرى يابابا هذا طابور السيدات أم الحريم؟ فابتسم الأب وقال السيدات، استغرب الطفل ورد على والده إذاً لماذا تقول هي حريم أليست كلمة حريم كلمة خطأ؟ فهز الأب رأسه مؤيداً له، ليلتفت الولد مرة أخرى للسيدة ويقول لها هذا طابور السيدات عيب عليك أن تقولي حريم، ليضج الجميع بالضحك ويبدي إعجابه بالأب وتربيته لابنه. السيدة والسيدات بالرغم من أنهما كلمتان عربيتان فصيحتان وتنمّان عن الاحترام والذوق لم تجد لهما متسعاً كبيراً في ثقافتنا المحلية واستعضنا عنهما بالحرمة والحريم. كشيء دارج يستخدم أحياناً بحسن نية وفي أحيان أخرى للانتقاص والتحقير. تقول السيدة التي شهدت تلك الحادثة لقد أيقظ ذلك (الجنتل مان) وابنه في داخلي قصصاً كثيرة كنت أمتعض فيها عندما يشار إليّ تحقيراً بأني (حرمة) وبالرغم مما كانت تحمله تلك القصص السلبية في ذهني من مشاعر قد تكون مشتركة مع كثيرات لم أنتبه إلى أني أنا وغيري كنا السبب في رواجه لأننا لم نعترض على هذا اللقب يوماً بل استخدمناه دوما، مثل تلك السيدة التي في لحظة صنعت صداماً تربوياً للطفل وهي تناقض ما تربى عليه ذلك الطفل المهذب بما تربت عليه هي من استسهال لذلك اللقب! وهي حقيقة صادمة تظهر مدى التأثير الذي يمكن أن يصنعه الإنسان في نفسه عندما يرتضي على نفسه شيئاً لا يليق به وينسى ذلك بعد أن يألفه. تربيتنا لأبنائنا وبناتنا وتعليمنا لهم في المدارس هو المعيار الحقيقي لرقي مجتمعنا. ومادامت النساء يستسهلن استخدام هذا اللقب ولا يرين فيه حرجاً ليس بالغريب أن نرى معلمات مدارس ومعلمين يستخدمونه لتبسيط المعلومة وشرحها دون حرج داخل فصولهم. المرأة والنساء والسيدة والسيدات، يمكن أن تلفظ بكل سهولة وجمال بلهجتنا العامية الدارجة فلماذا استغنينا عنها بلقب الحريم؟ ذلك ليس من الدين بشيء وعلى العكس من ذلك فهو ليس سوى امتداد لثقافة معينة شوهت الدين الإسلامي وآدابه في حسن النداء والوصف ورسخت معاني أخرى لا تمثله في لفظة الحريم الدارجة. ولو تمعنا في جذور هذا اللقب لما ارتضيناه ولا استخدمناه لكننا تساهلنا فيه كثيراً وفي مدلولاته وحان الوقت لكي نستغني عنه بلفظ السيدة وندرب ألستنا عليه كمجتمع حتى تألفه.