تفتقر ادعاءات الحكومة بأن حزب العمال الكردستاني يقف وراء التفجير الأخير إلى المصداقية بسبب ميلها السابق إلى نسب أي اعتداء إرهابي إلى الأكراد بغض النظر عن الأدلة، لكن تنظيم "داعش" هو مَن نفّذ أكبر الاعتداءات الإرهابية التي شهدتها تركيا خلال الأشهر الماضية. ردّ إردوغان على تفجير إسطنبول بالتعهد بالقضاء على منفذيه، لكنه هو نفسه مَن ولّد الظروف التي تحوّل في ظلها الإرهاب إلى جزء دائم من الحياة التركية. يعكس واقع أن أي مجموعة تابعة لحزب العمال الكردستاني أو "داعش" قد تكون مسؤولة عن تفجيرَي ملعب كرة القدم حجم المشكلة التي تواجهها تركيا راهناً. تفتقر ادعاءات الحكومة الأولى أن حزب العمال الكردستاني يقف وراء هذا التفجير إلى المصداقية بسبب ميلها السابق إلى نسب أي اعتداء إرهابي إلى الأكراد بغض النظر عن الأدلة، لكن تنظيم "داعش" هو مَن نفّذ أكبر الاعتداءات الإرهابية التي شهدتها تركيا خلال الأشهر الماضية: مقتل 47 شخصاً في مطار إسطنبول الدولي في شهر يونيو و57 آخرين في زفاف كردي في غازي عنتاب في شهر أغسطس. لا شك أن إردوغان سيستغل هذا التفجير ليبرر اقتراح منحه المزيد من الصلاحيات بموجب مشروع قانون جديد قُدّم إلى البرلمان التركي. على أرض الواقع يتمتع إردوغان راهناً بنفوذ كبير، فضلاً عن أن تركيا قطعت شوطاً كبيراً في تحولها إلى دولة تُقفل آخر معالم وسائل الإعلام الحر، ويُلقى القبض على الصحافيين بحجة ملاحقة المسؤولين عن الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو، ولكن حتى قبل عملية التطهير هذه، تعرضت المراكز السكنية الكردية في الجنوب الشرقي لقصف المدافع وجُرفت لتتحول إلى أكوام من الحطام. قُتل 38 شخصاً خلال تفجير مزدوج خارج ملعب لكرة القدم في إسطنبول، وردّ إردوغان على تفجير إسطنبول بالتعهد بالقضاء على منفذيه، لكنه هو نفسه مَن ولّد الظروف التي تحوّل في ظلها الإرهاب إلى جزء دائم من الحياة التركية. اختار الرئيس التركي مواجهة الأكراد السنة الماضية ليغزز شعبيته في عملية الاقتراع، وفي المقابل ما كان تنظيم "داعش" لينتشر في العراق سورية منذ عام 2011 لولا تساهل تركيا مع المجاهدين. لطالما تمتع تنظيم "داعش" بحرية التنقل عبر الحدود التركية السورية، بالإضافة إلى ذلك، حظيت مجموعات تابعة للقاعدة لا تختلف كثيراً عن "داعش" بإمدادات سخية من الأسلحة والذخيرة. تحصد تركيا اليوم العواقب الوخيمة لسياسات إردوغان السابقة التي ولّدت أزمات يدّعي أنه سيخرج منها منتصراً، لكن انتصاره بعيد المنال لأن "داعش" وحزب العمال الكردستاني يعملان مرة أخرى، من مناطق آمنة خارج البلد في سورية العراق. لكن إردوغان قد يذهب إلى أبعد من ذلك ويعزز تدخله العسكري المحدود حالياً في شمال سورية والعراق، إذ تقترب القوات المدعومة من تركيا من معقل "داعش" في منطقة الباب على بعد 40 كيلومتراً عن حلب، وقد تشن تركيا هجوماً أشمل موجَّهاً في الظاهر ضد الرقة، التي تُعتبر عاصمة "داعش"، إلا أنه يهدف في الواقع إلى سحق الأكراد السوريين. ما زال الزعيم التركي يجمع بين الخطاب العدائي والحذر العملي في تعاطيه مع سورية والعراق، إلا أن هذه الحال قد لا تدوم. * باتريك كوكبورن * «الإندبندنت»