يواصل الجيش السوري تقدمه في أحياء حلب الشرقية، رغم دعوات الحوار والاحتجاجات الغاضبة في الدول الداعمة للمعارضة السورية. وحسب معلومات وزارة الدفاع الروسية، بسط الجيش السوري سيطرته على 98% من مساحة مدينة حلب، فيما تتقلص سيطرة المعارضة المسلحة على المناطق الخاضعة لها بسرعة فائقة. وفي هذا السياق، يطرح سؤال نفسه: هل مازالت هناك فرصة للتوصل إلى حل تفاوضي لإخراج المسلحين الباقين في حلب الشرقية حتى آخر لحظة؟ من يقف وراء الدعوات الساخنة إلى وقف إطلاق النار في حلب، رغم عدم اتخاذ أي خطوات عملية من قبل الغرب لإيجاد حل وسط ينهي الأزمة؟ وفي هذا السياق، أكدت موسكو أنها تجري مشاورات مكثفة مع أنقرة حول حلب، بالتزامن مع استمرار لقاءات الخبراء الروس والأمريكيين في جنيف، على الرغم من عدم إحراز أي نجاحات تذكر في هذا الشأن. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في هذا الخصوص إن موسكو تعبت من "العويل" الأمريكي المستمر بشأن الوضع في حلب. وأضاف أن الأمريكيين يقولون اليوم إن الأيام الـ 3 التي تعتبرها موسكو ضرورية لتنسيق مسارات الممرات لخروج المسلحين من حلب، فترة طويلة جدا وأنه يجب وقف إطلاق النار فورا. وأعاد إلى الأذهان أنه كان هناك منذ بداية سبتمبر/أيلول الماضي، العديد من الفرص لتنسيق مسارات مثل هذه الممرات، لكن الأمريكيين لم يستفيدوا منها. وأعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث، الثلاثاء 13 ديسمبر/كانون الأول، مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الروسي الوضع في تدمر السورية التي سقطت يوم الأحد الماضي بيد تنظيم "داعش"، وسير تقدم القوات السورية في حلب. ويأتي تقدم الجيش السوري والموقف الصارم التي تتخذه موسكو على خلفية الدعوات الملحة إلى عقد اجتماعات دولية جديدة حول حلب، دون أن تتضمن أي من تلك الدعوات أي اقتراحات عملية حول حل قضية حلب. وكانت فرنسا قد دعت الأمم المتحدة إلى استخدام كافة الآليات على الفور "للوقوف على حقيقة ما يحدث في مدينة حلب". وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت إن التوصل إلى وقف النار أصبح أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، مضيفا "إن مساندي النظام بدءا من روسيا لا يمكنهم السماح بأن يسود منطق الانتقام والترويع دون أن يتحملوا مخاطر أن يصبحوا متواطئين". بدورها، دعت قطر لاجتماع عاجل للجامعة العربية على مستوى المندوبين من أجل مناقشة ما يحدث في حلب السورية مع استمرار عملية الجيش السوري لاستعادة السيطرة على المدينة بالكامل. وتحدثت قطر في دعوتها عن "جرائم إبادة جماعية ترتكبها الحكومة السورية ضد آلاف المدنيين". وكان مجلس الوزراء السعودي قد شدد في بيان أصدره الاثنين على ضرورة عقد جلسة استثنائية طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة تبحث الوضع في سوريا. من جهتها، عبرت أنقرة، بعد تأكيدها إجراء مشاورات مكثفة مع موسكو حول فتح ممرات إنسانية في حلب وإجلاء المدنيين، عن "رعبها وغضبها" من "مذبحة بحق المدنيين" في حلب، وذلك في بيان صدر عن وزارة الخارجية التركية. وطالبت الخارجية التركية بالوقف الفوري لهجمات الجيش السوري وبإجلاء المدنيين من حلب الشرقية، معتبرة أن القوات الحكومية "لا تعطي المدنيين الراغبين في الخروج من حلب أية فرصة". واعتبرت أن أعمال الجيش السوري في حلب الشرقية قد ترتقي لـ "إعدامات جماعية". ومن غير الواضح، ما هي النتائج التي تسعى باريس والدوحة والرياض لتحقيقها عبر عقد اجتماعات أممية وعربية بشأن الوضع في حلب، نظرا لانهيار دفاعات المعارضة السورية في حلب بشكل شبه كامل. لكن يبدو أن المشاورات الروسية التركية قد تأتي ببعض النتائج، نظرا لوجود اتفاقات مبدئية بين رئيسي البلدين حول ضرورة تسوية أزمة حلب، واستمرار الاتصالات الكثيفة بين الطرفين بما في ذلك على مستوى الرئيسين. المصدر: وكالات أوكسانا شفانديوك