×
محافظة الرياض

جانية إثيوبية .. قتلت مصرياً بالمدينة وهربت للعاصمة وانتهى أمرها بسجن النساء

صورة الخبر

هل أخطأت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في قولها يوم ٣٠/٨ /٢٠١٥ "نحن قادرون على ذلك" إيذانا بفتح الحدود يوم ٤/٩ / ٢٠١٥ أمام مئات الألوف من المشردين السوريين ما بين الجبال والوديان الأوروبية؟ ما هي النتائج الفعلية على الأرض لما بات يعرف بسياسة اللجوء الألمانية، وهل يمكن أن تؤدي إلى خسارة المستشارة نفسها الانتخابات العامة عام ٢٠١٧؟ ما الذي طرأ على هذه السياسة في هذه الأثناء، وهل يمكن التراجع عنها لا سيما تحت الضغوط الداخلية المتصاعدة، ليس في صيغة ارتفاع أسهم اليمين المتطرف فقط؟ لا توجد أجوبة قاطعة على هذه التساؤلات المطروحة يوميا على المستويات السياسية والعامة في ألمانيا وأوروبا، مع ما تثيره من أصداء على صعيد "اللاجئين" أنفسهم، لا سيما السوريين منهم..فمعظم ما يدور من حوار يتركز على محورين، حسابات الربح والخسارة، وتوظيف المواقف الرسمية في خدمة المعركة الانتخابية وقد أصبحت على الأبواب. خياران أحلاهما مر عندما بلغ تعداد المهاجرين المشردين عن سوريا مئات الألوف على ما يعرف بخط البلقان، ومعظمهم يسعى للوصول إلى ألمانيا أو السويد، كانت الدولة الألمانية أمام خيارين: " كان على ميركل واقعيا أن تختار بين "فوضى نتيجة الترحيب باللاجئين" و"فوضى نتيجة ردّ اللاجئين" على حد تعبير أسبوعية "دي تسايت" المرموقة يوم ٢٩/٨ /٢٠١٦، أي أنه لم يكن يوجد سوى خيار واحد له تبعاته " ١- التشبث بسياسة إغلاق الحدود المتبعة منذ سنين مع التركيز على تحصين الحدود الخارجية الأوروبية والتمسك باتفاقات أوروبية أهمها ما يقضي بأن تكون طلبات اللجوء ومعالجتها في أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، وهو ما حمّل بعض الدول أعباء ثقيلة، كما هو الحال مع إيطاليا شمال المتوسط واليونان جنوب البلقان. ٢- فتح الحدود دون أن تسبق إلى ذلك استعدادات كافية على مستوى إدارة أعداد ضخمة من اللاجئين الجدد، لا تستطيع الأجهزة المعنية ومعسكرات الاستقبال المؤقت استيعابها في حدود ما كانت عليه من تجهيزات تناسب استقبال عشرات الألوف وليس مئات الألوف. "خياران أحلاهما مرّ" كما يقال وكما يبدو للوهلة الأولى، والواقع أن الخيار الأول لم يكن واردا بسبب عواقب وخيمة للغاية، منها: ١- تحميل الأعباء الأكبر لليونان في حينه، وهي في وضع اقتصادي وسياسي لا يقارن بوضع ألمانيا وأوضاع دول أخرى، كالنمسا وفرنسا والدول الاسكندنافية، وبالتالي فإن الأطراف السياسية الأوروبية التي تعارض سياسة ميركل الحالية بشدة، كانت ستعارضها بشدة أكبر لو بقيت الحدود الألمانية مغلقة. ٢- لا يزال لعقدة النازية أثرها في تقويم السياسات الألمانية بالمنظور الإنساني، لا سيما عند استخدام العنف، ومن المؤكد أن إغلاق الحدود في وجه موجة لجوء كبرى كان سيتطلب ما يشبه الثكنات العسكرية، واستخدام أجهزة الأمن وحرس الحدود وربما القوات العسكرية، كما فعلت دول أوروبية شرقية لا سيما المجر التي لا ينقطع لومها أوروبيا، ولو سلكت ألمانيا أساليب مشابهة لكان اللوم أضعافا مضاعفة. كان على ميركل واقعيا أن تختار بين "فوضى نتيجة الترحيب باللاجئين" و"فوضى نتيجة ردّ اللاجئين" على حد تعبير أسبوعية "دي تسايت" المرموقة يوم ٢٩/٨ /٢٠١٦، أي أنه لم يكن يوجد سوى خيار واحد له تبعاته، إذ يتطلب مضاعفة الجهود الألمانية نفسها، وهو ما تعنيه عبارة "نحن قادرون على ذلك"، وعندما علقت ميركل يوم ٣١/٨ /٢٠١٦ على عبارتها تلك قبل عام واحد، لم تتراجع عنها، إنما استغربت تركيز الاهتمام الكبير عليها، وأضافت أنها لو قدّرت ذلك مسبقا فلربما استخدمت عبارة سواها. الواقع أن ميركل لا تنفرد برؤيتها أن ألمانيا قادرة على التعامل مع التحدي الجديد، ومن الأمثلة على ذلك قول وزير الداخلية توماس دي ميزيير من قبل -وهو من الصقور في قضية اللجوء عموما- "كدولة ثرية لا تتجاوز المشكلة طاقتنا على الإطلاق" كما جاء في مقابلة له مع صحيفة فرانكفورتر آلجيماينه يوم ١٨/ ٧/ ٢٠١٥. وحتى أشد المنتقدين لميركل، رئيس حزب المسيحيين الاجتماعيين الشريك في "الاتحاد المسيحي"، هورست زيهوفر، لم ينقطع عن انتقادها ولكن لم يقدم خلال عام كامل "بديلا" عمليا واحدا عن السياسة المتبعة، مما يسمح بتصنيف انتقاداته في نطاق المنافسات الحزبية على أصوات الناخبين، وتكاد تتخذ صبغة "المزايدة" على اليمين المتطرف. " تحتاج ألمانيا إلى "المهاجرين" إليها من جيل الشباب، لا سيما أصحاب الكفاءات والمهارات المهنية، ولم يعد يوجد خلاف كبير بصدد وصف ألمانيا أنها "بلد هجرة" ككندا مثلا، فمن قبل موجة اللجوء الأخيرة وصلت نسبة ذوي الأصول المختلطة إلى أكثر من ٢٥% من مجموع السكان " سياسة الحدود المفتوحة مستمرة، وإن صدرت إجراءات تحدّ منها جزئيا مثل مزيد من العراقيل في تطبيق مبدأ "جمع الشمل" أو زيادة حدة التعليمات حول مكان الإقامة والعمل أثناء النظر في طلبات اللجوء وبعد الموافقة لفترات زمنية معينة، ولكن هذه الإجراءات تندرج في نطاق التخفيف من مفعول الحملات المضادة، لا سيما من جانب اليمين المتطرف، والموصوفة بالحملات "الشعبوية" المعتمدة في الدرجة الأولى على المخاوف غير المبررة. أعباء فورية ومكاسب منتظرة استهدف فتح الحدود في حينه أيضا امتصاص غضب الرأي العام إزاء القصور الدولي أمام المأساة الإنسانية للسوريين، فقد سبق ذلك تحوّل ملموس في غالبية وسائل الإعلام الألمانية وأصحاب التأثير ممن يظهرون على الشاشة الصغيرة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ لم يكن أحدهم يشير بالكاد إلى مشكلة اللجوء والتمييز بين عوامل سياسية واقتصادية وأمنية، ويشير إلى استحالة استيعاب طالبي اللجوء جميعا في ألمانيا، إلا ويستثني السوريين منهم بسبب أوضاعهم. وآنذاك أرادت ميركل أن يكون فتح الحدود مؤقتا لتأمين معطيات ضبط تدفقه قانونيا والتعامل معه إداريا وماليا، وهو ما جعلها تركز لاحقا على الاتفاق المعقود مع تركيا، وتستشهد بنجاحه حين تتحدث حاليا عن التطلع إلى ما يشابهه في التعامل مع اللجوء عبر المتوسط، مقابل خذلانها أوروبيا بشأن تعميم الالتزام باستقبال اللاجئين وتوزيعهم على دول الاتحاد الأوروبي. ويظهر حجم الأعباء موضوعيا عند العودة إلى المعيار المستخدم في السياسة الألمانية مع مشكلة اللاجئين تبعا لتثبيت حق اللجوء السياسي في المادة ١٦- أ من الدستور، فالمعيار هو عدد طلبات اللجوء، وكانت ذروتها عام ١٩٩٥ إذ بلغت زهاء ١٦٧ ألفا، وأدنى مستوى لها عام ٢٠٠٨ في حدود ٢٨ ألفا، ولكنها ارتفعت مجددا إلى ١٢٧ ألفا عام ٢٠١٣ وحوالي ٢٠٣ آلاف عام ٢٠١٤، أما في عام ٢٠١٥ الماضي، الذي شهد فتح الحدود فقد وصل حوالي ٩٠٠ ألف لاجئ إلى ألمانيا. وتكشف مقارنة الأرقام عن الأعباء الإضافية، من حيث إقامة معسكرات الاستقبال وزيادة أعداد المسؤولين عن الشؤون الأمنية والإدارية، فضلا عن أعباء تأمين السكن والمورد المالي ودورات التدريب وأماكن العمل ومقاعد الدراسة لمن تقبل طلبات لجوئهم. بالمقابل تحتاج ألمانيا إلى "المهاجرين" إليها من جيل الشباب، لا سيما أصحاب الكفاءات والمهارات المهنية، ولم يعد يوجد خلاف كبير بصدد وصف ألمانيا أنها "بلد هجرة" ككندا مثلا، فمن قبل موجة اللجوء الأخيرة وصلت نسبة ذوي الأصول المختلطة إلى أكثر من ٢٥% من مجموع السكان. ولا تنقطع المخاوف منذ سنوات من هبوط نسبة القادرين على الإنتاج لتحتفظ ألمانيا بمكانتها عالميا، وكذلك بالرفاهية داخليا، نظرا إلى استمرار تبدل الهرم السكاني نتيجة ارتفاع نسبة المسنين المتقاعدين، وسبق للحكومات الألمانية أن بذلت جهودا مضادة كبيرة دون جدوى، عبر برامج خاصة لترحيل المتقاعدين من ذوي الأصول الأجنبية بإغراءات مالية كما كان في عهد المستشار الأسبق هلموت كول، وبرامج جلب المتخصصين من الهند بعقود متميزة لسنوات معدودة لاحقا، علاوة على سلسلة القوانين ذات التكلفة المالية العالية لتشجيع الإنجاب في ألمانيا. وتقول الإحصاءات الرسمية إن ارتفاع نسبة الولادات بدأ بالفعل منذ أربع سنوات، ووصل عام ٢٠١٥ إلى ما يعادل وسطيا (١.٥) طفلا لكل امرأة في سن الإنجاب، ولكن تقول التفاصيل إن هذا لا يسري على ذوات الأصول الألمانية، كما أن الحفاظ على عدد سكان ألمانيا في حدود ٨٠-٨٢ مليونا لم يتحقق منذ عام ١٩٨٥ إلا عبر مزيد من المهاجرين والمتجنسين، ولا يتحقق ذاتيا في المستقبل إلا إذا وصل معدل الولادة إلى طفلين لكل امرأة.. وهو مستبعد وفق الدراسات الاجتماعية المعتبرة. صعود اليمين المتطرف يحمّل خصوم ميركل السياسيون سياسة "فتح الحدود" المسؤولية عن ارتفاع نسبة التأييد الشعبي لليمين المتطرف، وهو ما انعكس بالفعل في انتخابات محلية في أربع ولايات ألمانية على التوالي، ولم يعد مستبعدا أن يصل حزب "البديل" المتطرف الجديد نسبيا إلى المجلس النيابي الاتحادي عبر انتخابات ٢٠١٧، ويمكن في الحملات السياسية والإعلامية الدعائية الربط بين ذلك وبين سياسة ميركل، إنما تنقضه النظرة الموضوعية، فظاهرة صعود اليمين المتطرف أوروبية وليست محصورة في ألمانيا. " يحمّل خصوم ميركل السياسيون سياسة "فتح الحدود" المسؤولية عن ارتفاع نسبة التأييد الشعبي لليمين المتطرف، وهو ما انعكس بالفعل في انتخابات محلية في أربع ولايات ألمانية على التوالي، ولم يعد مستبعدا أن يصل حزب "البديل" المتطرف الجديد نسبيا إلى المجلس النيابي الاتحادي " وتقول التقديرات العامة واستطلاعات الرأي العام إن الحزب المذكور يحظى بتأييد شعبي بنسبة 15% في ألمانيا، ولكن تقديرات واستطلاعات مشابهة تقول إن نسبة التأييد لليمين المتطرف تصل إلى ٣٠% في فرنسا و٤٠% في الولايات المتحدة الأميركية، و٥٠% في النمسا، ناهيك عن أثر هذه الظاهرة في التصويت على انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفي وصول حكومات يمينية متشددة إلى السلطة في شرق أوروبا، وجميع ذلك يتجاوز الوضع في ألمانيا بمراحل، ولا يمكن القول إن السياسة المتبعة على صعيد اللجوء في تلك البلدان كانت على غرار السياسة الألمانية أو أكثر "ترحيبا" باللاجئين والمشردين من أنحاء العالم، سواء بسبب الاستبداد أو الحروب أو حتى هوة الفقر والثراء بين الشمال والجنوب.. وعلى غرار ذلك يمكن القول بعدم وجود مستند موضوعي للربط بين "فتح الحدود" وتصعيد ما يوصف بالإرهاب المرتكب باسم توجهات إسلامية. يبدو أن ما سبق لا يغيب عن غالبية عموم السكان في ألمانيا، ومما يشير إلى ذلك وفق صحيفة "دي فلت" يوم ٣١/٨/ ٢٠١٦، أن ٥٧% من السكان يؤيدون قرار ميركل (بالتوافق مع النمسا في حينه) على فتح الحدود أمام مئات الألوف من المهاجرين وتمكينهم من الوصول إلى الأراضي الألمانية، ويقابل ذلك حوالي 33% من المعارضين، كما أن نسبة المعارضين لمقولة ميركل "نحن قادرون على ذلك" كانت تعادل 59% يوم أطلقتها لأول مرة، وهبطت بعد مرور عام على تطبيق مقتضاها إلى ٥٤%، مقابل ارتفاع نسبة المؤيدين من ٣٧ إلى 43%. من المستبعد وفق هذه المعطيات وسواها حدوث تبدل جذري في سياسة الحدود المفتوحة، وهي سياسة موازية لارتفاع نصيب ألمانيا من المخصصات المالية لأغراض إنسانية في مناطق النزاعات الدموية الدائرة، ولكن ستستمر عملية تطوير القوانين والإجراءات الإدارية حول مشكلة اللجوء بهدف تنظيمها وضبطها دون المساس بجوهرها من حيث الأساس، مقابل متابعة العمل للحد من استقبال اللاجئين القادمين من البلقان وبعض البلدان الآسيوية والأفريقية، دون أن يشمل ذلك سوريا والعراق تخصيصا. تسري هذه التوقعات بصورة خاصة، إذا ما أعلنت ميركل عن ترشيح نفسها لمنصب الاستشارية في انتخابات ٢٠١٧، فنجاحها مرجح إلى حد كبير رغم هبوط نسبة شعبيتها قليلا في الاستطلاعات الدورية، ولكن الفارق بينها وبين سواها لا يزال كبيرا مع استبعاد حدوث تبدل يذكر في الشهور القادمة، ولا يتناقض ذلك مع سلسلة النتائج السلبية في الانتخابات المحلية للولايات على حساب حزب المسيحيين الديمقراطيين برئاسة ميركل، فظاهرة تمكين الأحزاب المعارضة على مستوى الولايات معروفة من جولات انتخابية سابقة، وتعلّل برغبة الناخبين في تحقيق توازن في التشريعات التي تتوزع صلاحياتها بين المجلس النيابي الاتحادي ومجلس تمثيل الولايات الألمانية.