الحديث مع الرضع ذو شجون وفنون فهم الرضيع للعالم المحيط به يتطور تدريجيا من خلال الإحاطة العاطفية به والتفاعل الاجتماعي منذ الأشهر الأولى من عمره، لأن تلك المراحل تتسم بعملية نمو مهمة للغاية تتعلق بطريقة تنظيم دماغه للمعلومات الخارجية. العربيمينة حمدي [نُشرفي2016/12/13، العدد: 10484، ص(21)] أشياء كثيرة تدور في خلدهم تحير الآباء وتثير فضول العلماء أبدى رجل لبناني استغرابه من تفاعل ابنته الرضيعة مع أغنية كان يرددها أثناء مداعبته لها، فقد كانت تتمايل يمنة ويسرة وتضحك بصوت عال، وعندما كان يتعمد السكوت عن الغناء ليختبر ردة فعلها كانت تنفجر باكية، وحين يعاود الغناء تعود هي إلى الضحك والتمايل. كان الأب يعتقد أن ابنته التي لم يتجاوز عمرها أشهرا معدودة لا تفهم شيئا مما يدور حولها، ولكنه بعد أن رأى ردة فعلها تجاه الغناء أدرك أن هناك أشياء كثيرة تدور في خلدها، وأنها تفهم العالم المحيط بها وتستوعبه بطريقتها. وهذا يكشف أن الرضع يتسمون بطابع اجتماعي، قبل وقت طويل من شروعهم في السير أو الكلام، وأن فهمهم وإدراكهم للعالم يتطوّران تدريجيا من خلال الإحاطة العاطفية بهم والتفاعل الاجتماعي معهم. ليس هذا فحسب، بل يقول باحثون من جامعة يال في الولايات المتحدة إن الطفل في عمر 6 أشهر يستطيع أن يُعبر عن تفضيله للإنسان الذي يُساعد الغير، كما يُعبر عن رفضه ومجافاته للإنسان الذي يُؤذي غيره. وتأتي هذه النتيجة العلمية في معرض الجهود البحثية التي أجريت لفهم أعمق حول كيفية تفكير الأطفال في مراحل مبكرة جداً من العمر، وكيفية تعامل الآباء والأمهات معهم. ووفق ما تم نشره في مجلة “نيتشر العلمية” البريطانية، يعتقد الباحثون أن هذه القدرة لدى الأطفال الرضع تُشكل الركيزة الأساسية للأفكار وللتصرفات الأخلاقية لهم في مراحل تالية من حياتهم. وهذا يقوض الاعتقاد السائد لدى الكثير من الآباء بأن الرضع غير قادرين على فهم ما يجري، وهناك عدة أدلة واضحة تبيّن أنهم يتجاوبون ويتفاعلون مع من حولهم بطرق مختلفة. وكانت الباحثة سوزان ترهوب المختصة في علم النفس بجامعة تورنتو الكندية قد بينت في إحدى دراساتها أن الرضع يستطيعون التعرف على الألحان، حتى لو ألقيت على مسامعهم بنغمات مختلفة وبسرعة مغايرة. وأشارت إلى أنه من غير المعروف كيف تقوم أدمغة الأطفال بمعالجة الموسيقى، لأنه يصعب إقناع الأهل بإخضاع أطفالهم الأصحاء لاختبارات مسح دماغي. ولكنها أكدت أن هناك أدلة على أن الأطفال يتجاوبون بطرق مختلفة، وأنهم يتعرفون على اللحن عندما يسمعونه بدرجة أو بسرعة مختلفة. وقالت إن الرضع يستطيعون التعرف على الألحان بطريقة لا يمكن تفسيرها ولا علاقة لها بإحساسهم بالموسيقى. الطفل في عمر 6 أشهر يستطيع أن يعبر عن تفضيله للإنسان الذي يساعد الغير، كما يعبر عن مجافاته للذي يؤذي غيره غير أن دراسة أميركية حديثة أوضحت أن استماع الرضع إلى الموسيقى يعزز قدراتهم العقلية ويساعدهم على التحدث مبكراً وزيادة حصيلتهم اللغوية. وتبين للباحثين من جامعة واشنطن أن المناطق الموجودة في الدماغ والمسؤولة عن التحدث كانت أقوى لدى الأطفال الذكور والإناث في عمر تسعة أشهر والذين يستمعون إلى الموسيقى، مما يجعل مسألة تعلم الكلام وأيضاً اللغات الأجنبية أسهل بالنسبة إليهم بالمقارنة بغيرهم ممن لا يستمعون إلى الموسيقى. وقام الباحثون بفحص بيانات 39 رضيعا في عمر التسعة أشهر بشكل عشوائي، أثناء استماعهم إلى الموسيقى، وذلك خلال عشر جلسات لمدة 15 دقيقة في الشهر، ثم تم إخضاعهم لأشعة الرنين على المخ، فتوصلوا إلى أن أدمغة الرضع تتطور وتترابط فيها الخلايا المسؤولة عن التعليم والذاكرة عند سماعهم الموسيقى، وكانت أكثر قدرة على الاستجابة في الكلام. ومن ناحية أخرى ثمن الخبراء فعل التحدث مع الطفل، والدور الكبير الذي يساهم به في تنمية إحساسه بقيمته الذاتية وتعزيز ثقته بنفسه وصحته النفسية مستقبلا. وخلصت أبحاث علمية حديثة إلى أن المخ البشري ينمو بسرعة أكبر بعد الولادة، ويصل إلى نصف حجمه عند الكبار في غضون ثلاثة أشهر. وحث الخبراء الآباء على مناغاة أطفالهم والدردشة معهم بداية من الأشهر الأولى من أعمارهم، لأن ذلك يلعب دورا كبيرا في نموهم الفكري، ويعزز من قدراتهم الذهنية والعاطفية والاجتماعية. وأشار بحث جديد أجراه معهد واشنطن للتعلم وعلوم الدماغ في سياتل إلى أن الأطفال الرضع يتدربون على نطق كلمتهم الأولى في عقولهم قبل فترة طويلة من نطقها. وتقول الباحثة باتريشيا كن “إن العثور على نشاط في المناطق الحركية من الدماغ عند الأطفال الرضع عندما يستمعون للحديث هو أمر هام بالفعل”. وبواسطة ماسح ضوئي للدماغ، قامت الباحثة كن وزملاؤها باختبار 57 من الرضع الذين كانوا إما في الشهر7 أو 11 إلى 12 شهرا من العمر، حيث قاموا بتشغيل أصوات شائعة على مسامع الرضع ثم قياس تفاعل الدماغ. فلاحظوا أنه عند تشغيل الأصوات، أضاءت مناطق الدماغ المرتبطة بالتخطيط للكلام. كما تبين لهم أن الرضع في عمر 7 أشهر، تفاعلت لديهم مناطق التخطيط في الدماغ، ولكن الأطفال الأكبر سنا أظهروا تفاعلا أكثر عندما كانت الأصوات التي سمعوها غير مألوفة. وخلص الباحثون إلى أن الأطفال الأكبر سنا كانوا يعملون بجد لتحديد كيفية تقليد الأصوات غير المألوفة، ويعتقد الباحثون أن هذه المناطق النشيطة في الدماغ قد تلعب دورا انتقاليا في تحدث الطفل بلغته الأم. وحثت الباحثة كن الآباء على التحدث مع أطفالهم منذ الولادة، وذكرتهم بأن “الاستماع للأحاديث ينشط أدمغة الأطفال الرضع التي تتدرب على الحديث”. ورجح علماء النفس أن الرضع في الأشهر الأولى من عمرهم يستطيعون فهم اللهجة التى يتحدث بها آباؤهم من خلال طبقات الصوت المختلفة، على الرغم من عدم فهمهم للكلمات أو اللغة التى يتحدثون بها، أما عند بلوغهم عمر 6 أشهر فإنهم يصبحون قادرين على فهم الكلمات التي يسمعونها، وإذا ما بلغوا سن 7 أشهر، فإنهم يتمكنون من تمييز أصوات الحديث والتركيز عليها بشكل متكرر، وهذا من شأنه أن ينمي قدراتهم على اختيار الأشخاص الذين يتواصلون معهم مستقبلا. أما عندما يصلون إلى عمر 9 أشهر، فإنهم يصبحون قادرين على تكوين استنتاجات حول العلاقات الاجتماعية، وتحديد من هو الصديق ومن هو العدو. :: اقرأ أيضاً باحثون: العاطفة تؤثر على السعادة أكثر من وفرة المال حذاء الـكاوبوي نجم موضة الشتاء