دعا معارضون في السودان لـ"عصيان مدني" جديد في 19 من هذا الشهر احتجاجا على قرارات حكومية برفع الدعم عن مواد من بينها الدواء والوقود،واعتبروا أن احتجاجا مماثلا نجحأواخر الشهر الماضي،لكن السلطات ردت بالسخرية والتهوين من قيمة هذه التحركات. وبادر ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي بالدعوةإلى العصيان، ولقيت دعوتهم تأييدا من أحزاب سياسية وحركات مسلحة معارضة. وبدأ هذا الشكل من الاحتجاج ردا على قرارات حكومية تقشفية شملت رفع الدعم عن الوقود مما ترتب عليه زيادة في الأسعار بنسبة 30%،إلى جانب الأدوية وجزئيا عن الكهرباء. وبرر الداعون للعصيان اللجوء إلى هذا الأسلوب بتجنب العنف الذيرافق احتجاجات شعبية حاشدة في 2013عندما طبقت الحكومة خطة تقشف مماثلة، وأسفرت الصدامات بين الشرطة والمتظاهرينحينها عن مقتل 86 شخصا، وفق بيانات رسمية، في حين تحدثت المعارضة عن مئتي قتيل. وبعد إعلان الحكومة عن القرارات التقشفية مطلع الشهر الماضي خرجت تظاهرات محدودة فرقتهاقوات الأمن، واعتبر مسؤولون أن مشاركة أعداد قليلة في المظاهرات يشير إلى أن السودانيين يتفهمون تلك القرارات. حجم المشاركة وبدا المشهد مختلفا بعدما دعاناشطون ومعارضون إلى عصيان مدني في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إذ كانت هناك استجابة،خاصة لدىالشباب، بيد أن هذا التحرك كان يفتقر إلى التنظيمإذ لم يكن هناك رابط تنظيمي بين من صدرت عنهم الدعوات للعصيان، كما أنأحزاب المعارضة لم تنخرط بشكل فاعلمن خلال تعبئة أنصارها. غازي صلاح الدين اعتبر أنالعصيان المدني الذي تمت الدعوة إليه الشهر الماضي كانانتصارا(الجزيرة) وتجلى عدم التنظيم في وجود أكثر من صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي تبنت الحدث،كما أن"اللجنة التمهيدية للعصيان" لم تكشف عن قادتها ولم تكن معلومة حتى لمناصريها. وقدر ناشطون نسبة الاستجابة لدعوة العصيان المدني الشهر الماضي بما بين 30% و40%، لكن الحكومة أكدت أن الاستجابة كانت معدومة، حتى أن الرئيس عمر البشيرعلق على العصيان بأنه"فشل بنسبة مليون في المئة". ويقولالمحلل السياسي أنور سليمان إن من مظاهر نجاح العصيان "مشاركة كل السودانيين في المناقشةبشأن جدواه، بما في ذلك الرئيس البشير". من جهته، قال رئيس حركة"الإصلاح الآن" المعارضة غازي صلاح الدينإن المسؤولين الحكوميين كانوا يوم العصيان الماضي"كعامة القوم ينتظرون النتائج ولا يصنعونها"، معتبرا أن حراك الشهر الماضي كان انتصارا. وكان صلاح الدين قد انشق عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في 2013 احتجاجا على قمع الأجهزة الأمنية للاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البلاد وقتها. وفي مقالجرى تداوله بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي أرجع الرجل ما عده انتصارا لمنظمي العصيان إلى أن "القهر على المنع أيسر من القهر على الفعل". وما يشغل الآنالسلطات وخصومها هو العصيان الجديد المحدد الذي تمت الدعوة إلى تنظيمه في19 ديسمبر/كانون الأول الحالي، والذي يتزامن مع ذكرى إعلان استقلال البلاد من داخل البرلمان. تنظيم أفضل " "كان العصيان ساعة مضاربة حرجة أوشكت فيها الأمور أن تفلت والأشياء أن تتداعى.. إذا حصل هذا مرّة فلن يمنعه مانع من أن يحصل ثانية وثالثة، وعندئذ ستكون قد تشكلت سنّة من سنن التغيير". غازي صلاح الدين " وهون مسؤولون سودانيون من الدعوة إلى عصيان ثانٍ، لكن هذه المرةيبدو الاحتجاجأكثر تنظيما، حيث توحدت كل التشكيلات الشبابية تحت قيادة واحدة، وحددت صفحة واحدة على موقع فيسبوك. وتحدث الداعون إلى العصيان الجديد عن "تنسيق كامل" مع أحزاب المعارضة والحركات المسلحة، الذين بدؤوا بالفعل في حملات تعبئة وسط أنصارهم. وضمن حملة التعبئةهذه جاء إعلانفرقة "البلابل" الغنائية-إحدى أكثر الفرق شعبية في البلاد- تأجيل حفل جماهيري كان مقررا تنظيمه في ساحة عامة يوم العصيان. من خلال تصريحات متفرقة لقادتها، تبدو الحكومة متجاهلة للعصيان، لكن زعيم حركة الإصلاح الآن ذكرهم في مقاله المشار إليه أعلاه بأنهم يوم 27 نوفمبر "وقفوا مصطفين مع الجمهور أمام لوحة البورصة في انتظار رقم ما تشعّ به شاشات العرض". بالنسبة للرجل كانت تلك "ساعة مضاربة حرجة أوشكت فيها الأمور أن تفلت والأشياء أن تتداعى" لكن الأهم عنده أنه "إذا حصل هذا مرّة فلن يمنعه مانع من أن يحصل ثانية وثالثة، وعندئذ ستكون قد تشكلت سنّة من سنن التغيير".