جزر ساحرة خرجت من عباءة البحر، تتناثر حول محافظة الوجه بمنطقة تبوك مازالت بكرا، وظلت هكذا محافظة على عذريتها، لكن تخشى أن تشيخ في يوم ما. «عكاظ» جالت في جزر تبوك (الوجه، ضباء، وأملج)، ووقفت على تلك الجزر، واكتشفت أن الاستثمار غائب عنها تماما، ولا يوجد أثر للسياحة هناك، رغم أنها تمتلك كامل مقومات الاستثمار السياحي، إذ تمتلك المملكة نحو 1285 جزيرة على طول سواحلها على البحر الأحمر والخليج العربي، تختلف مساحاتها بين الكبيرة والصغيرة، ويغلب على معظمها استواء السطح، ويتركز أكثرها قرب السواحل، وهذه الجزر لم يستغل منها سوى القليل. وتتوافر في معظم جزر تبوك الثلاث مقومات الجذب السياحي بمواصفات عالمية، من تنوع «طبوغرافي» وبيئي يتمثل في الشواطئ الرملية الناعمة، والمرتفعات الجبلية، والغطاء النباتي مع اعتدال المناخ، إضافة إلى الشعاب المرجانية المتنوعة التي تحيط بها، ما يؤهلها لتكون مقصدا للسياح لممارسة هوايات الصيد والغوص، وللراحة والاستجمام في معظم فصول العام، وتلك الجزر الثلاث الأنسب للاستثمار السياحي لجملة من المقومات السياحية التي تمتاز بها. ثمة طرق للاستثمار الأمثل في الجزر، إذ قال لـ«عكاظ» المدير العام لمجموعة وصال العالمية المهندس أحمد بن خليل المسلماني: «إن السياحة في المملكة شبه معدومة؛ لعدم وجود مشاريع سياحية تنافس الدول السياحية في منطقة الخليج على الأقل، رغم أن المملكة هي الأكثر سكانا في المنطقة، والسائح السعودي هو المستهدف الأول في معظم الدول السياحية». وأضاف: «هناك العديد من المؤشرات التي تزيد من نسبة نجاح الاستثمار في جزر الشمال، فبعد عمل استبيان بالتعاون مع جامعة الملك عبدالعزيز توصلنا إلى أن 96% من المشاركين يفضلون السياحة بعيدا عن المدن الكبرى، ومن ذلك أن غالبية السياح المستهدفين لمشاريع السياحة على الشريط الساحلي للوجه وأملج وضباء هم من مناطق تبوك وحائل والمدينة المنورة والقصيم ذي الكثافة السكانية العالية، مع عدم وجود منتجعات سياحية بمواصفات عالمية تخدم هذه الشريحة، ومن ذلك وجود القدرة المالية الجيدة للفرد السعودي، كما أن العائلة السعودية محبة لمشاهدة البحر دون أن يشكل السفر عائقا لهم». وأكد أن «وجود المطار بالوجه وتوسطها للمحافظات الثلاث مع ارتباطها بشبكة طرق بجميع المناطق يجعلها هي الخيار الأنسب للاستثمار السياحي، إذا ما علمنا أن الوجه هي أشهر منطقة لصيد الصقور، ويوجد في موسم الصيد سنويا ما يزيد على 1200 محترف صيد خليجي وسعودي، وجميعهم من الفئات المهمة في المجتمع، مما يستوجب توفير سكن مناسب لهم يوفي بحاجاتهم ورغباتهم، ما رفع إيجار الشقة المفروشة بالصيف لتصل إلى 800 ريال والشاليه إلى 2500 ريال، ومع كل ذلك تجد رسالة دائمة للشقق والشاليهات مفادها (نأسف لا يوجد أماكن شاغرة)، لذا نتوقع أن تستحوذ الوجه على نسبة 25% من السياحة في المملكة». ويضيف المسلماني: الجزر الثلاث ليست هي المعنية بالاستثمار، بل يتطلب التمتع بها وجود منصة على الساحل تقام عليها المنتجعات والشاليهات، وتنطلق من هذه المنتجعات رحلات سياحية إلى هذه الجزر، مع المحافظة على البيئة الطبيعية لهذه الجزر. وعن العائد المالي يقول المدير العام لمجموعة وصال: «إن الاستثمار السياحي على ساحل محافظة الوجه بإقامة منتجعين فقط سوف يسترجع رأسماله خلال ثلاثة أعوام، بما يعادل 800 مليون ريال في السنة الواحدة، بإجمالي مليارين و400 مليون في هذه الأعوام الثلاثة دخلا صافيا»، مضيفا «هذه الأرقام هي نتيجة دراسات مع كبرى الشركات التي ترغب في الاستثمار السياحي بمحافظة الوجه». مياه «فيروزية»ورمال بيضاء لم تستثمر تقع جنوب غرب محافظة ضباء، ومن مقوماتها السياحية استواء سطحها المغطى بالرمال الناعمة، ووجود شرمين بحريين صغيرين وسطها، أحدهما في شمالها، وآخر أقصى جنوبها (شرم النعمان)، ومنه اكتسبت الجزيرة اسمها، ويضم مرسى صغيرا يستخدمه الصيادون بإقامة علامة إرشادية ملاحية للاستدلال عليه، كما ذكر الباحث في تاريخ المملكة الدكتور إبراهيم بن يوسف المغيربي. تقع جنوب غرب محافظة أملج، وتمتاز بتنوع تضاريسها من الصخري والرملي، مع انحدار بعض الشعاب في جزئها الغربي والشمال الغربي، ويقول عضو الجمعية السعودية لعلوم الحياة عبدالإله عزازي العنزي: «ما تحتويه الجزيرة من تنوع بيئي يجعلها من أجمل الجزر السعودية وأكثرها أهلية للاستثمار السياحي، مع وجود الكثير من النباتات الموسمية والحولية على أرضها، إضافة إلى كونها ممرا لهجرة الطيور، واعتدال مناخها طوال العام ومناسبتها لمحبي الغوص. تقع جنوب غرب محافظة الوجه، وهي من أكثر الجزر التي يمكن التمتع بها برؤية المياه «الفيروزية» الصافية، والشواطئ الرملية شديدة النعومة والبياض، وما أكسبها هذه الألوان الساحرة امتلاء شواطئها بالعديد من الشعاب المرجانية الرائعة، وأكثرها روعة «شعاب الدولفين» الشهيرة. ويصف عضو هيئة تطوير مدربي الغوص محمد بن عوض الرشيدي ساحل الجزيرة بأنه الأفضل لمحبي الغوص، لما يتمتع به من تدرج في الأعماق، وصفاء المياه، وتنوع أشكال وألوان الشعاب المرجانية، كما يمكن للغواص التمتع بمشاهدة أنواع الأسماك بأحجامها المختلفة وألوانها الجذابة، مع وجود العديد من السلاحف البحرية حول الجزيرة.