قالت وسائل إعلام تركية إن محتجاً توفي امس، متأثراً بإصابة في الرأس، فيما أصيب ضابط شرطة بنوبة قلبية قاتلة، خلال أسوأ يوم من الاضطرابات تشهده تركيا منذ اجتاحت الاحتجاجات المناهضة للحكومة البلاد الصيف الماضي. واشتبكت قوات الأمن مع المتظاهرين في عدة مدن تركية لليوم الثاني على التوالي، ودفن مشيعون فتى توفي متأثراً بجراح أصيب بها في احتجاجات الصيف الماضي، ووصف رئيس الوزراء طيب أردوغان الاحتجاجات الجديدة بأنها مؤامرة على الدولة. وأشعلت وفاة الفتى بركين علوان بعد غيبوبة استمرت 9 أشهر أسوأ اضطرابات في تركيا منذ التظاهرات المناهضة للحكومة في حزيران (يونيو) الماضي، ما يزيد مشاكل أردوغان الذي يواجه فضيحة فساد أصبحت من أكبر تحديات فترة حكمه المستمر منذ 10 سنوات. وأطلقت الشرطة مدافع الماء والغازات المسيلة للدموع وطلقات المطاط في شارع رئيسي في إسطنبول لمنع آلاف المحتجين من الوصول إلى ميدان تقسيم. وكانت هناك مشاهد مماثلة في وسط العاصمة أنقرة وفي مدينة ازمير على بحر إيحة. وطارد ضباط شرطة مكافحة الشغب المحتجين في الشوارع الجانبية حتى وقت متأخر من الليل. وقال عزيز بابوشجو، رئيس شعبة حزب العدالة والتنمية الحاكم في إسطنبول: "كانت هناك مجموعتان تهاجمان الشرطة وأصيب شاب بإصابة في الرأس... ولفظ آخر أنفاسه". وقالت مصادر مستشفى ووسائل الإعلام المحلية في اقليم تونجلي الشرقي الذي شهد أيضاً احتجاجات أمس إن ضابط شرطة توفي بعدما أصيب بنوبة قلبية خلال الاحتجاج. ولمست وفاة علوان (15 عاماً) وتراً حساساً لدى كثير من الأتراك. وكان علوان حوصر في الشارع أثناء اشتباكات بين الشرطة ومحتجين في 16 من حزيران (يونيو) بينما كان ذاهباً لشراء خبز لأسرته. وتوفي متأثراً بإصابة في رأسه يعتقد أن سببها عبوة غاز مسيل للدموع أطلقتها الشرطة. وردد الحشد في حي اوكميداني بوسط اسطنبول هتافات تندد بأردوغان وتصفه بالقاتل وهتفوا: "بركين في كل مكان... المقاومة في كل مكان" رافعين صور علوان. وحمل نعشه ملفوفاً بقماش أحمر وقد نثرت عليه الورود إلى "بيت الجمع"، وهو دار عبادة للطائفة العلوية التي ينتمي إليها علوان. وخطب أردوغان في تجمعين انتخابيين في إطار حملة الانتخابات البلدية التي تجرى في 30 آذار (مارس) الجاري، لكنه لم يشر إلى وفاة علوان وإنما هاجم المحتجين قائلاً إن نتيجة الانتخابات ستخرسهم. وقال لحشود من أنصاره في مؤتمر انتخابي في مدينة ماردين في جنوب شرق البلاد: "محاولة إشعال النار في الشوارع قبل الانتخابات بـ18 يوماً ليس موقفاً ديموقراطياً". واتهم تحالفاً من "الفوضويين والإرهابيين والمخربين" وكذلك المعارضة وأتباع رجل دين تركي مقيم في الولايات المتحدة بإذكاء الاضطرابات لإطاحته. وقال: "السيناريوات تعد لتبديد السلام. يقومون باستفزازات جديدة لإشعال الشوارع" وطالب الأتراك بالتيقظ لمثل هذه "الاستفزازات". وقال المشاركون في الجنازة إن سكوت اردوغان عن وفاة علوان الذي يتباين مع رسائل العزاء التي وجهها الرئيس عبد الله غول وشخصيات عامة أخرى تبرز مدى انفصاله عن قطاع كبير من المجتمع التركي. وأذيعت مراسم الجنازة على الهواء في قنوات التلفزيون الإخبارية الرئيسية التي تعرض بعضها للانتقاد لقلة اهتمامها بتغطية تظاهرات الصيف الماضي. ودعا اتحادان عماليان الى اضراب ليوم واحد، بينما اعلن اعضاء هيئات التدريس في بعض الجامعات الغاء الفصول الدراسية. وأثارت حال الغموض مع اقتراب الانتخابات توتر المستثمرين الأتراك، فهبط سعر الليرة إلى أدنى مستوى له في خمسة أسابيع، لكن لا دلائل على أنها أضعفت اردوغان الذي يتمتع بشعبية كبيرة بين سكان الأناضول المحافظين. وقال ولفانجو بيكولي، المدير التنفيذي لمؤسسة "تينيو انتليجنس للبحوث": "لم يكن لمزاعم الفساد الأخيرة تأثير يذكر على شعبية اردوغان الانتخابية، وإنما زادت الانقسامات السياسية في مجتمع يعاني بالفعل من الاستقطاب الحاد".