احتفل العالم أجمع بيوم المرأة العالمي يوم السبت الماضي والموافق 8 مارس 2014 وذلك كعادته في كل عام وذلك منذ اختارت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1977 الثامن من مارس للاحتفال باليوم العالمي لحقوق المرأة والسلام. والذي جاء نتيجة ضغط كبير من المنظمات والحركات النسائية حول العالم. ومنذ ذلك الحين صار هذا اليوم يوماً عالمياً يتم فيه وفي كل عام التذكير بقضايا المرأة الشائكة والضرورات الإنسانية والمجتمعية لحلها أو على أقل تقدير الإعداد الذهني لتقبلها وإعادة تشكيل الاتجاهات المجتمعية الإيجابية التي تصب في صالح قضاياها. ومن الجميل أننا في المملكة بدأنا ببعض مظاهر هذا التذكير بالمرأة والاحتفاء بها، أماً واختاً وابنة ومواطنة عبر بعض الاحتفالات والمناسبات في بعض المناطق كالطائف وجدة والرياض والتي لا تزال خجولة لكنها تتنامى عامًا بعد عام. وتكمن أهمية هذه الاحتفاليات ليس بالطبع لغرض الاحتفال أو التقليد كما يحب الكثير من المناوئين أن يكرروا لكن لأن النظر والتفكر في قضايا المرأة يمس قضايا جوهرية وأفراد ومؤسسات في كل مجتمع لا نهاية لها مثل الطفل والأسرة والصحة العامة والاقتصاد والتربية والتعليم.. الخ من القضايا التي تتقاطع فيها مصالح المرأة مع المصالح العامة. هذا يؤكد بشكل حاسم أن قضايا المرأة لا تنفصل عن قضايا الرجل ولا عن قضايا المجتمع ككل مما يساعد على طرح السؤال المتكرر دائمًا: لماذا إذن التركيز على قضايا المرأة طالما هي جزء لا يتجزأ من نسيج اجتماعي عام فيه الطفل والرجل والعامل؟ السبب ببساطة هو أن المرأة هي العمود الفقري للوحدة الاجتماعية الأساسية وهي الأسرة وتمكينها وحمايتها يساعد على تعزيز دور الأسرة في المجتمع الحديث وحماية الطفل الذي هو أساس المستقبل ولذا تبنت الأمم المتحدة شعارها للاحتفال بيوم المرأة العالمي لهذا العام تحت عنوان (حق المساواة هو تقدم للجميع) بمعنى أن الدفاع عن حق المساواة بين الجنسين (مع إيماننا باختلاف وظائف كل طرف) إلا أن هذا الاختلاف لا يؤثر على القيمة الإنسانية لكليهما حيث يتساويان فيها رغم اختلاف الوظائف وتنوع الواجبات التي تكمل بعضها بعضاً وهو ما أكده تصريح الأمين العام بان كي مون في هذه المناسبة والذي قال: «إن البلدان التي تكون فيها نسبة المساواة بين الجنسين أكبر يكون نموها الاقتصادي أفضل، والشركات التي تولي أمور قيادتها لعدد أكبر من النساء يكون أداؤها أحسن، واتفاقات السلام التي يشترك في إعدادها عدد أكبر من النساء تكون أدوم أثراً، والبرلمانات التي يشغل مقاعدها عدد أكبر من النساء تستن تشريعات أكثر في القضايا الاجتماعية الرئيسية كالصحة والتعليم ومناهضة التمييز ومؤازرة الطفولة. فثمة إذن دليل واضح على أن تمتع المرأة بالمساواة يحقق التقدم للجميع». هذا يعني أن تحسين أوضاع المرأة ينعكس على كل من حولها إيجاباً مما يؤكد أهمية النظر إلى قضاياها بشكل خاص والتأكيد عليها ما أمكن خاصة إذا نظرنا إلى حجم المشكلات والعنف والإهمال الذي تتعرض له ملايين النساء عبر العالم. وفي احصائيات مذهلة عن أوضاع المرأة للعام 2014 نشرها موقع (رحاب نيوز) جاء بأنه: - ترتكب 50 % من حالات الاعتداء الجنسي في حق فتيات تحت سن 16. - تعيش 603 ملايين امرأة في العالم في بلدان لا تعتبر العنف المنزلي جريمة. - تفيد نسبة تصل إلى 70 % من النساء في العالم إلى تعرضهن لعنف جسدي أو جنسي في فترة ما من حياتهن. - تزوج 60 مليونًا من الفتيات الصغيرات في العالم قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة. بل أشارت إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن امرأة من كل ثلاث نساء في العالم ستتعرض للعنف بشكل أو بآخر في فترة ما في حياتها من جانب من يعيش معها من الذكور (أب، زوج ، أخ الخ)!! أما بالنسبة للسعودية فقد أظهرت ورقة قدمت في ملتقى نجيب الخنيزي الثقافي قبل عدة أشهر شيوع العنف بأشكاله المختلفة حيث تعرضت ربع الحوامل للضرب أثناء الحمل مع عواقب الولادة المبكرة أو الإجهاض، وأصيبت معظم المتعرضات للعنف الجسدي في المدينة المنورة (63 %) بإصابات خطيرة استدعت التدخل الطبي، في دراسة على 2000 سيدة في الأحساء كانت نسبة المتعرضات للعنف من أفراد الأسرة 11 % أو امرأة من بين كل عشر نساء تقريباً وكان الزوج هو الأكثر تعنيفاً للنساء، وفي دراسة للدكتورة نورة المساعد استطلعت فيها مدى تقبل الرجال والنساء في السعودية لاستخدام العنف ضد النساء ذكر 53 % من الرجال استعدادهم لاستخدام العنف ضد النساء في حال عدم اتباعهن للتصرفات المقبولة وذكر 32 % من الرجال أنهم استخدموا العنف بالفعل ضد زوجاتهم بسبب سوء تصرفاتهن، كما أكدت 36 % من النساء في الدراسة قبولهن بممارسة العنف ضد النساء في حال سوء تصرفهن. كل هذا يؤكّد الحاجة إلى النظر بشكل خاص إلى أوضاع النساء لتحسينها مع إيماننا بأن المطالبة بحقها وتمكينها هو جزء من حقوق عامة للإنسان أي كان وأينما كان: طفلاً أو عاملاً أجنبياً أو مسناً ذكراً كان أو أنثى إلا أن الترسبات التاريخية وما ترتب عليها من تداعيات قانونية ومجتمعية مجحفة في حق المرأة يستدعي الوقوف بشكل خاص للمناداة بهذا التفكر والتأمل في يومها الخاص. الثامن من مارس.. وهنا نقول كنساء لكل من عمل بصمت ودأب لأجل رفع صوته في هذا اليوم الجميل أو قبله أو بعده بقليل: شكراً لحسك الإنساني الذي يساعد على حمايتي ويسرع من تمكيني كامرأة.