طرح حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا على البرلمان أمس مشروع قانون لتعديلات دستورية تحوّل النظام رئاسياً، ما يعزّز صلاحيات الرئيس رجب طيب أردوغان الذي تحدث عن «بداية عصر جديد»، فيما اعتبرت المعارضة أن تركيا «تتّجه إلى نموذج كوريا الشمالية ودولة الحزب الواحد». وتسلّم رئيس البرلمان إسماعيل حقي كهرمان المشروع الذي نال تأييد 316 من النواب الـ550، علماً أن إحالته على استفتاء عام تتطلّب موافقة 330 نائباً. ويدعم حزب «الحركة القومية» المشروع، ما يرفع إلى 355 عدد النواب المؤيّدين من الحزبين. وكانت «خلافات بسيطة على الصياغة» أخّرت مرتين طرح المشروع، واضطُرت رئيس الوزراء بن علي يلدرم إلى لقاء رئيس «الحركة القومية» دولت باهشلي من أجل الاتفاق على كل النقاط، قبل تقديمه للبرلمان، استعداداً لبدء ماراثون مناقشة مواده العشرين، قبل التصويت عليها وطرحها على استفتاء عام ربيع العام المقبل. وذكرت مصادر مقرّبة من القوميين أن الخلاف كان حول صوغ ديباجة المشروع وسبب تحويل النظام رئاسياً، إذ رفض القوميون حصر الأمر في رغبة أردوغان، مطالبين بوضع أسباب مقنعة. وأضافت أن الجانبين اتفقا على رفع عدد النواب إلى 600، وتفعيل نظام «النائب الاحتياط» الذي سيُحدّد عن كل دائرة انتخابية، لكي يحلّ مكان النائب المعني، في حال وفاته أو عزله. كما اتفق الطرفان على تنظيم الانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية في آنٍ عام 2019. ويُدخل المشروع تعديلات على تركيبة المحكمة الدستورية العليا والهيئة العليا للقضاة والمدعين، إذ سيعيّن الرئيس نصفهم والبرلمان نصفهم الآخر. وترى المعارضة في ذلك حصانة مطلقة لأردوغان، لأن معظم القضاة سيكونون إما معيّنين منه أو بواسطة حزبه. وعلّق الرئيس على التعديلات قائلاً: «إن شاء الله، ستكون بداية عصر جديد. آمل بأن يعبر (المشروع) بنجاح مرحلة البرلمان». لكن المعارضة اليسارية والكردية وجّهت انتقادات عنيفة، إذ اعتبر رئيس «حزب الشعب الجمهوري» كمال كيلجدارأوغلو أن «تركيا تتّجه إلى تطبيق نموذج كوريا الشمالية ودولة الحزب الواحد، من خلال الإبقاء على علاقة الرئيس بحزبه وتنظيم الانتخابات الرئاسية والنيابية في آنٍ، ما يضمن لأي رئيس مُنتخب غالبية مريحة في البرلمان، وسيطرة على المؤسستين التشريعية والتنفيذية... ستمتد إلى السلطة القضائية أيضاً». ورفض «إعداد دستور في مطبخ حزب»، منبّهاً إلى أن التعديلات المقترحة تهدّد «تقليداً برلمانياً يعود إلى 140 سنة». أما ميرال دانيس بيشطاش، وهي نائب عن «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي، فرأت أن النظام الرئاسي «سيضع البلاد تحت وصاية شخص وإرادته». إلى ذلك، بثّت شبكة «أن تي في» أن السلطات التركية أصدرت مذكرات لتوقيف 55 شخصاً، بينهم رجال أعمال، تشتبه في تقديهم دعماً مالياً لجماعة الداعية فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز (يوليو) الماضي. وترجّح السلطات تورّط رجال الأعمال بنقل مبالغ مالية ضخمة بين تركيا وتنزانيا وأوغندا وكازاخستان، منذ العام 2014.