×
محافظة المنطقة الشرقية

طاقم تحكيم كوري جنوبي لمباراة السد و الهلال

صورة الخبر

تذاكروا كما اعتادوا وساد الجلسةَ حديثُ الكتب حين استعرض أحدُنا موضوع كتابٍ رآه جديرًا بالقراءة فبادر صاحبكم لابتياعه ثم فوجئَ عند ترفيفه في مكتبته أن لديه نسخةً أخرى اقتناها قبل حولين فلا ذاكرتُه وعت وجودَه ولا مراجعاتُه هدته إليه، ولم تكن المرةَ الأولى التي تزدوج فيها مشترياتُه، ومع معارض الكتب تتكررُ الحكاية وتتسع الخيبةُ؛ فالكتب تسكنُ دواخلنا مشاعرَ ومشاعلَ ثم نكتفي بالتغني والتمني، إذ جمالُها طاغٍ وجلالُها مؤثّر والوقتُ يفرُّ بلا قربٍ ولا قلب. * اجتاز الكتابُ عوائقَ النشر فلم تعد أجهزة الرقابةُ ذاتَ حساسيةٍ أمام الأغلفة والعناوين والمتون وصار المنعُ الإجرائيُّ من معجم الماضي، وتمددت وسائطُ توفيره ورقيًا وآليًا بيسرٍ في التناول والتداول والتكاليف وتناسبت عكسيًا مع المقروئية المتضائلة فاهتمَّ الناشرون بما يثير قبل أن يثري. * لم يعد لدى الورّاقين الجدد تجاربُ يحكونها كما صنع أسلافهم مما يفوق خيال المتابع معاناةً وحواجزَ ومغامرات، وفي مذكرات شيخ الورّاقين العراقيين قاسم محمد الرجب صاحب دار المثنى (1919- 1974م) التي قدّم لها كوركيس عواد مزيجٌ من المتعة والألم، إذ عشق الكتاب فأخلص لمكانته واستثمر إمكاناته كما تعرض لمواقف صعبةٍ سُجن في بعضها وتوفي في عمر مبكرٍ يعزوه أصفياؤه إلى ما لاقاه من هموم مهنة النشر وتشابكاتها بين الرسميِّ والشعبيِّ والنخبوي. * كتبُ السير الوِراقية قليلة ومعظم ذويها لا يفضلون تدوينها فقد تمسُّ شخوصًا بأعينهم وإجراءاتٍ يُشاءُ لها أن تُدارى وأروقةً واجهيةً وطرقًا خلفية وأرقام مبيعاتٍ مختلفًا حولها واتجارًا لا يبعد عن التسوّل ويتجاوز التوسل ومواقفَ قد تُنزل الكبراء من عليائهم، وفي أغلبها تقف المادياتُ معاملَ ثبات وسط متغيِّرات قيْميةٍ كان حقُّها أن تكون ثوابت، ولو حكى المؤلفون عن الناشرين وتحدث أولاءِ عن أولئك لوجدنا علاماتٍ فارقةً ثقافيةً وإدارية تستحق التأمل. * ويجيءُ الاهتمامُ بالجديد وسعيُ الناشرين إلى تقديم عناوين إضافيةٍ أمرًا مشروعًا، وفي القديم ما لا يبلى فيُبليه الناشرون بتهميشه في دُورِهم ونأيِه عن واجهاتهم،كما لا يجد مخطوطُه ومتناثِرُه من يدفع به إلى قارئه وربما أُغلقت دونه الأبواب، وروى حاضرنا الغائب «الكُتبيُّ» عبدالله العوهلي شفاه الله شراءه حقوق عمل العالِم النحويّ الراحل محمد عبدالخالق عضيمة (1910- 1984م) عن «نحو البحر المحيط» في سبعة مجلدات كبيرة لكنه لم يستطع طباعته لعدم وجود قاعدةٍ شرائية له تعيد قيمته المالية بالرغم من قيمته المعرفية لدى المختصين،كما أن في مُسَوَّدات الكتب التأريخية المحفوظة ما يُتداولُ استنساخًا لبواعث غير مادية، وهنا تغيب سيرُ المؤلفين التوثيقيةُ فتمتد الأسرار والأسوار. * للتقنيةِ دورٌ في تثبيط عزمِ الناشر غير أن الوسائط الحديثة تخدم الكتاب التقليدي والإلكتروني على حد سواء ويبقى نهجُ التصفح مختلفًا وفق ذائقة المتابع واعتياده، مثلما تبقى قيمة الكتب الحقيقية فقد زادت الكمية وتناقصت الكيفية. * النشرُ أسرار.