مائدة مهرجان دبي السينمائي الدولي عامرة هذا العام، وشاشاته تحتضن الكثير من القضايا المثيرة للجدل والتي تعكس سخونة الواقع الذي يعيشه العالم. فجدل الإنسان والزمان، جنباً إلى جنب التطرف الديني وأفلام الواقع الافتراضي، وحوارات نجوم العالم زيّنت المهرجان في يومه الثالث. واشتد عود مسابقة أفلام المهر الإماراتي، مع الفيلم الروائي «المختارون» للمخرج علي مصطفى، وبطولة سامر المصري وسامر إسماعيل، وغيرهما من النجوم. إذ تقفز أحداث الفيلم إلى العام 2033 في مدينة مفترضة، تنتشر فيها الفوضى والصراعات نتيجة لتلوث مصادر المياه التي يعتمد عليها السكان، وتسعى مجموعة صغيرة من أهل البلدة إلى البحث عن مصدر المياه النظيف الوحيد المتبقي في المنطقة، ومع تسلل زائرين اثنين إلى المنطقة الخاصة بهم، يتحولون إلى مجرد أداة للاختبار من أجل النجاة، وواحد فقط يستحق النجاة. على جهة أخرى، قدم المخرج اللبناني هادي زكاك فيلمه الوثائقي الجديد «يا عمري»، ومدته 38 دقيقة، والذي يصنف في خانة المهر الطويل. ويتناول الفيلم حكاية شخصية للمخرج، تدور فصولها عن جدته هنريات، التي عاشت 104 أعوام كأنما هي شربت من العمر حتى الثمالة، فالجدة التي تفيض محبة ومودة تستطيع أن تنطوي في سيرة حياتها على حكاية القرن العشرين بأكمله، وحكاية لبنان كله، الذين عاشوا فيه والذين هاجروا، الذين عادوا والذين انطووا على بعد آلاف الكيلومترات. حكاية تنفرد وتتسع مشهداً إثر آخر ولقطة بعد لقطة، والجدة تبدو في لحظة هي الملاك الذي يجمع العائلة ويعزز تماسكهم. وضمن مسابقة المهر الطويل أيضا، تم عرض الفيلم المصري المثير للجدل«مولانا» في عرض أول، والفيلم من إخراج مجدي أحمد، وتأليف إبراهيم عيسى، في حين يشارك في بطولته عمرو سعد ودرة وأحمد مجدي وريهام حجاج، وغيرهم من الفنانين. وهو من إنتاج رجل الأعمال نجيب سويرس. يتناول الفيلم قصة رجل دين يملك نفوذا وسلطة في الإعلام وبين رجال السياسة، وهو الشيخ حاتم الذي يعد أحد الدعاة الاسلاميين النافذين عبر وسائل الاعلام، والذي تربطه علاقات وثيقة برجال السياسة، ويتناول الفيلم تأثير كل ذلك على مصداقيته أمام جمهوره. وأعقب الفيلم مؤتمراً صحافياً لفريق العمل، أداره المدير الفني لمهرجان دبي السينمائي الدولي مسعود أمرالله آل علي، واستهله المخرج مجدي أحمد مرجعا ولادة الفيلم إلى إحساس مشترك بينه وبين الكاتب إبراهيم عيسى لاسيما لناحية التطرف الديني، والمفاهيم المغلوطة لدى البعض عن العقيدة الحقيقية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن خلط الدين بالسياسية سبب الويلات والحروب التي يعيشها العالم العربي في الوقت الراهن. ولفت إلى أن العمل أخذ وقتاً طويلاً قبل تنفيذه، لدرء الوقوع في فخ المباشرة أو الخطابية الدينية المملة، ولتلافي الأخطاء بمثل هذه المواضيع الشائكة، ولكي لا تحدث صدامات مع أي جهة، قائلاً: «فنحن لا نسعى إلى فتح الجروح، بقدر ما يهمنا توضيح الصورة للناس»، متمنياً أن يصل الفيلم إلى الجمهور كما وصلت من قبل رواية «مولانا» قبل تحويلها إلى فيلم، إذ حققت شعبية واسعة جداً، وفقاً لتعبيره. من زاويته، أكد بطل الفيلم الفنان عمرو سعد أن إلهامه الشديد في شخصية «الشيخ حاتم» أسهم إلى حد كبير في نجاحها، معتبراً دوره في العمل أفضل الأدوار التي قدمها على الإطلاق، وموضحاً أن ما يميّز الفيلم أيضاً هو مزج الجدية بخفة الدم، ليصل إلى الناس بعفوية ومن دون تعقيدات. وعبّرت الفنانة درة عن فخرها واعتزازها بالعمل، وتجسيدها لشخصية «أميمة» زوجة «مولانا الشيخ حاتم»، مؤكدة أن العمل ككل يحمل قيمة عالية، نصاً ومضموناً، وبأنها تمكنت من تقمص الشخصية برغم صعوبتها ودقة تفاصيلها. وأكد الفنان أحمد مجدي وهو ابن مخرج الفيلم مجدي أحمد أنه لم يتردد بالمشاركة في هذا العمل السينمائي الضخم، ليس لأنه من إخراج والده، ولكن بسبب جودة النص الذي كتب بحرفية شديدة، متمنياً أن ينال دوره الاعجاب من جانب عشاق الشاشة العملاقة، فيما رأت الفنانة ريهام حجاج أن العمل يحمل في ثناياه رسائل سياسية ودينية مهمة وهادفة، وهو من الأفلام القليلة التي تناقش مثل هذه القضايا الحساسة بصراحة وشفافية. «الواقع الافتراضي» وفيما انطلقت عروض سينما «الواقع الافتراضي»، عُقدت جلسة حوار مفتوحة مع الممثل الأميركي الشهير صامويل ال جاكسون، في مسرح مدينة الجميرا، وأتاحت الجلسة للجمهور فرصة توجيه أسئلتهم له ليردّ عليها، وقد كشف صامويل خلالها عن مسيرته الفنية وحياته وأفلامه الرائعة. وكان ال جاكسون تسلّم جائزة تكريم إنجازات الفنانين من سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، خلال ليلة افتتاح الدورة الـ13 من المهرجان، إلى جانب الممثلة الهندية ريكاه والملحن الشهير غابريال يارد. وانطلقت تجربة مشاهدة أحدث أفلام «الواقع الافتراضي» التي يتيحها الجمهور لجمهوره بشكل جديد كلياً، وذلك في «سينما دو للواقع الافتراضي»، مقدماً فرصة مميزة وساحرة لا مثيل لها لمشاهدة الأفلام، ضمن برنامج «DIFFerent REALITY»، وذلك بمقر المهرجان في مدينة جميرا. وتشارك 10 أفلام، في هذا البرنامج، من أقوى إنتاجات هذه التقنية في العالم، منها 5 أفلام تُعرض للمرّة الأولى عالمياً لمخرجين رائدين وناشئين في هذا المجال الجديد، لتعيشوا داخل أحداث الفيلم عن طريق تقنية التصوير. وقال المدير الفني لمهرجان دبي، مُعلقاً على برنامج أفلام «الواقع الإفتراضي» الجديد: «لطالما كانت شركتا دو وسامسونج الخليج للإلكترونيات رائدتين في المجال التقني. يسرنا جداً أن تجمعنا شراكة معهما هذا العام لعرض مجموعة أفلام برنامج (DIFFerent REALITY)، لنحلق بزوار المهرجان من عشاق السينما في رحلة بتقنية الواقع الافتراضي للمرة الأولى ونقدم لهم لمحة عن مستقبل عرض الأفلام. لقد ضمن الدعم الكبير الذي تقدمه الشركتان تعزيز موقعه الريادي ومكننا من تقديم أحدث تقنيات صناعة الأفلام في دورة المهرجان هذا العام، ونتطلع إلى تقديم الأفلام بطريقة جديدة كلياً معهما».