هناك تخوّف كبير في دول الاتحاد الأوروبي من عودة المقاتلين الأوروبيين في مناطق النزاع في العراق وسوريا إلى بلدانهم الأوروبية. ويقدر عدد هؤلاء المقاتلين العائدين بحوالي ألف وخمس مئة مقاتل. ويكمن الخوف من هؤلاء لأنهم سيعودون ولديهم «أجندة خاصة» أو أوامر أصدرتها لهم قياداتهم في مناطق القتال والنزاع لتنفيذها في بلدانهم الأوروبية. ومن قبلُ قد توصلت بعض الجهات الاستخباراتية الغربية إلى أن تنظيم الدولة «داعش» قد تمكن في العراق من إنتاج قنابل كيماوية، أو ما يسمى «القنبلة القذرة»، كما وجدت تلك الجهات أيضاً معملاً لإنتاج طائرات بدون طيار تجرى التجارب عليها. وتخشى تلك الدول بأن يقوم هؤلاء المقاتلون الأوروبيون العائدون من مناطق القتال باستهداف بعض مدنهم بإلقاء «قنابل قذرة» عليها بواسطة طائرات بلا طيار. ولأن الإرهاب ذو هوية واحدة، فمن المحتمل بأن هذا المخطط قد يشمل جهات كثيرة في العالم ولا يقتصر على القارة الأوروبية بمفردها، بل يتوقع إنتاج نسخ منه في قارتي آسيا وإفريقيا. وكما هو معلوم، فإن كثيراً من المقاتلين مع «داعش»، إن لم تكن الأغلبية، هم من دول عربية وإسلامية قريبة منا، ما يجعل دولنا في وضع أشد حرجاً من الدول الأوروبية. ولعل في الضربات الاستباقية التي قامت بها الجهات الأمنية بالمملكة، وتمخض عنها القبض على عدد كبير من المنتمين إلى تنظيم «داعش» أو المتعاطفين معه؛ لخير دليل على ذلك الخطر الكبير الذي يحيق بنا وبمن حولنا من الدول. على مدى أكثر من ثلاثة عقود من الزمان والمملكة تقوم بمحاربة الفكر الضال والتطرف بوسائل عدة. ولعل الأشهر من ضمنها هو «برنامج المناصحة» الذي توصل إلى نتائج جيدة، إلا أن انقلاب بعض المتخرجين من البرنامج على عقبيه، وعودته للتطرف والإرهاب؛ يضع علامة استفهام في جدوى «المناصحة» لبعض الفئات من أولئك المتطرفين الإرهابيين. كما أن المشاركة في القتال الحقيقي في مناطق النزاع يشكل فارقاً كبيراً بينهم وبين المتعاطفين مع الإرهاب بالداخل الذين لم يشاركوا في القتال. ولا نشك في أن ذلك التباين مأخوذ في الاعتبار، ولكن التوكيد هنا هو أن مخرجات الإرهاب، من الرجال والمخططات والعتاد التقليدي وغير التقليدي؛ قد اختلف، بل تطور كثيراً عما كانت تواجهه الدول قبل سنوات قريبة ماضية. m.mashat@gmail.com