في اليوم الأول من وصولنا لباكستان دعانا "أبوفهد" إلى مائدة غدائه في مقر إقامته بقصر "البنجاب" في جلسة خاصة ليشرح بعض أهداف وطبيعة جولته الآسيوية. كان إحساسي أن الرحلة تحمل بلداً ضخماً واقتصاداً عولمياً وصل إلى قلب نادي العشرين: نحن فقط نفتقد آليات تسويق الصورة. بنهاية غداء العمل بدأ الأمير سلمان بن عبدالعزيز يوزع علينا نسخاً من الصحف السعودية، وبالصدفة، كانت "الوطن" أول "الرزمة" وكنت المدعو لاستلامها من يده، مشيت إليه تدفعني المحبة الجارفة وتهزمني أيضاً نقاط الاختلاف مع مقامه خلال مشوار الكتابة. المشكلة أن "أبوفهد" بدأ بسرد التفاصيل: أتتذكر "ياعلي" قصة الكتابة عن معرض الرياض، وعن مقال توزيع النخب، وعن مقالك عن عدالة ميزانيات الجامعات ثم استرسل طويلاً في قصة مقال الزميل الصديق، صالح الشيحي، قبل ثمان سنوات عن الانتماء والـ.... . لا تعود معرفتي بمقام سلمان بن عبدالعزيز فقط إلى هذه الرحلة، بل هي رحلة طويلة جداً من الاختلاف والالتقاء. كان آخرها قبل عامين عندما دعاني "أمير الرياض" سلمان بن عبدالعزيز إلى يوم دوام كامل معه في مكتب إمارة الرياض في يوم مرهق من الثامنة حتى الرابعة وهو نمط من الدوام لم أتعود عليه ولا أحبه في حياتي الشخصية الخاصة. في اليابان، كان الأمير سلمان بن عبدالعزيز، يطلب انسحاب حرسه الشخصي الخاص تحت ضغط طلب أبنائنا المبتعثين لالتقاط صور شخصية معه في مشهد سعودي "عائلي" مشحون بكل العواطف. كنت معه وحده آخر ليلة بالهند عندما "استغرب" وجود مجرد مئتي طالب مبتعث؛ فأجاب السفير أن هناك المئات من الدارسين على حسابهم الخاص وكان الهدف وصول هدية "بلدهم" إليهم بمناسبة الزيارة، فقال له سلمان بن عبدالعزيز: إن هدية.. عبدالله بن عبدالعزيز.. التي أمرني بها تقصد كل سعودي يدرس هنا، ولم يسأل عبدالله بن عبدالعزيز عن الوضع والتفاصيل. ودعته وكنا وحدنا حين انفض المجلس هامساً إليه أن يحل قصة إنسانية إدارية تستحق ويستحق صاحبها جملة قرار من سلمان بن عبدالعزيز، قال لي وأنا أستأذن بالانصراف: نحن بدون شعبنا وأبنائنا لا نساوي شيئاً وهذا "...." يستحق من وطنه أكثر مما حصل عليه.. انتهت المساحة.