النسخة: الورقية - دولي يذهب لاري سامرز الاقتصادي الأميركي الذائع الصيت دولياً رئيس الخزانة الأميركية السابق الى ان الاقتصادات الغربية قبل أزمة 2008، واقتصاد الولايات المتحدة على وجه التحديد، لم تفلح في تحريك عجلة النمو إلا من طريق الاستدانة. وأرى ان ازمة 2008 ليست فحسب وراء تعثر تعافي هذه الاقتصادات وبطء النمو. وثمة عوامل وراء التعثر هذا، منها: 1) تراكم الديون العامة في الاعوام الاخيرة؛ 2) بطء حركة الانتاجية. وفي أوروبا، فاقمت هذه المشكلات أزمةُ منطقة اليورو وتردي اوضاع المصارف في عدد من البلدان. ويسأل سامرز عما إذا كنا أمام عجز في تحفيز الطلب يعود الى مطلع العقد الماضي، ويومها تستر عليه الإفراط في الاستدانة. في الفصل الرابع من 2013، عاد مستوى النمو في فرنسا الى سابق عهده في الفصل الاول من 2008، بعد 6 اعوام من دون نمو، وهذا سابقة منذ 1945. ولا تغرد فرنسا خارج سرب الدول الاوروبية. ففي ايطاليا الانكماش الاقتصادي أكبر وكذلك الحال في اسبانيا- على رغم بدء ظهور آثار التعافي - وبريطانيا. ويترتب على ارتفاع عدد سكان فرنسا تقلص حصة العائد الفردي عما كان عليه قبل 6 سنوات. وضعف حركة الطلب هو من عوامل ضمور النمو. وأولويات خطة معالجة المشكلات في أوروبا لم تكن في محلها. فالحكومات الأوروبية بادرت الى تقييد الإنفاق وتقتيره من غير احتساب أثر هذا التقليص في القطاع الخاص. وفي عدد من الدول، لم يكن في إمكان القطاع جبه مترتبات هذه الخطوة نتيجة استدانة الأسر وسوء احوال المصارف. وعلى خلاف اوروبا، انتهجت اميركا خطة تعافٍ مالي، في محلها. فضخت السيولة في الاسواق (التيسير الكمي) وساند الفيديرالي الأميركي حركة الطلب. وعلى رغم ان وتيرة تعافي أميركا اسرع من نظيرها في اوروبا، لا يزال النمو هشاً. ولا يخفى ان درب التعافي من ازمات الاستدانة طويل وأليم. واضطرت واشنطن الى تنفيس الفقاعة العقارية وجبه مشكلات إفراط الاسر في الاستدانة. فتقلصت معدلات الاستثمار في القطاع السكني والاستهلاك. وإلى هذا التقلص، ثمة عوامل سلبية مترتبة على سيرورة التعافي، منها المراوحة في مرحلة نظام النمو الغالب في الألفية الثانية - ولسان حاله الصين تنتج والاميركيون يستهلكون- وعدم الانتقال الى نظام بديل، يقضي بنفخ استهلاك الطبقات الوسطى في الدول النامية في حركة الطلب العالمي. وتعود عائدات هذه المرحلة على جميع المنتجين في العالم، لكن معدلات الادخار لا تزال مرتفعة في أنحاء المعمورة، خصوصاً في الصين والدول النامية. ومن العسير العثور على نظير المستهلك النموذجي الذي جلت الاسر الاميركية على صورته. وقوم خلل التوازن في اسبانيا، والفائض الألماني بلغ ذروته، ومعدلات الادخار على حالها من الارتفاع. وتوزيع العائدات في الدول المتطورة لا يساهم في تحفيز الاستهلاك. فالأثرياء يستهلكون قسماً ضئيلاً من عائداتهم، وفي أميركا تتعاظم هوة اللامساواة. وفي ألمانيا لم يرتفع معدل الدخل لدى أكثر من نصف العائلات عما كان عليه في الأعوام الخمسة عشر الماضية. * خبير اقتصادي، عن «لونوفيل اوبسرفاتور» الفرنسية، 6/3/2014، اعداد م. ن.