تحت هذا الشعار: "الكتاب قنطرة حضارة" أقيم معرض الرياض الدولي للكتاب برعاية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، في الفترة من 3 إلى 13 جمادى الأولى 1435هـ، بمشاركة ما يقرب من ألف ناشر من داخل المملكة وخارجها عرضوا خلال المعرض ما يقرب من نصف مليون عنوان في موضوعات شتى: علمية وطبية وأدبية وثقافية وسواها، باللغة العربية ولغات حية أخرى. سوى مئات آلاف العنوانات الإلكترونية. وكعادة وزارة الثقافة والإعلام في كل عام باستضافة دولة تكون ضيف الشرف، كانت مملكة إسبانيا ضيف الشرف لهذا العام، وحضر سفيرها في المملكة حفل الافتتاح الرائع بتشريف معالي الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة وزير الثقافة والإعلام، ومعالي نائبه الدكتور عبدالله الجاسر، وسعادة وكيل الوزارة للشؤون الثقافية الدكتور ناصر الحجيلان - ومجموعة من مسؤولي الوزارة ولفيف من السلك الدبلوماسي والمثقفين من الجنسين، وقد أشار معالي الوزير في كلمته للحفل إلى أن شعار المعرض لهذا العام: "الكتاب قنطرة حضارة" قُصِد له أن يشير إلى التلاقح الثقافي واللغوي القديم بين اللغة العربية واللغة الإسبانية، بحكم وجود العرب والمسلمين في الأندلس لثمانمائة عام، فكلمة قنطرة بمعناها المعروف الذي ما زال يجري على الألسنة حتى الآن وتعني الجسر أو المعبر، كلمة عربية أصيلة استعارتها اللغة الإسبانية بحكم الاقتراض بين اللغات ومستخدمة فيها استخدامها في العربية. وكأن الشعار يشي بأن الكتاب هو وسيلة التجسير الأولى بين الحضارة، ومن خلاله تتناقل الأمم معارفها وثقافاتها وفكرها واكتشافاتها، ومن خلاله انتقلت علوم العرب والمسلمين وآدابهم وكشوفهم وفلسفاتهم من الأندلس إلى سائر أوروبا في عصور الظلام الأوروبي التي كانت عصور تنوير عربية وإسلامية. وأنا على ثقة من أن أستاذنا معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة يعلم حق العلم أن أكثر من ستة آلاف وخمسمائة مفردة في اللغة الإسبانية هي من أصل عربي، وأن كل كلمة إسبانية تبدأ بـ"الـ" هي عربية، لذا فإن التأثير والتأثر بين اللغتين وهما وعاء الحضارتين والثقافتين، قد يكونان الأقوى من أي تأثير وتأثر حصلا بين لغتين إنسانيتين على مدى التأريخ. من جانب آخر ضم الحفل فقرات تكريم أثارت الشجن وعصفت بالمشاعر واستقبلتها القلوب بحفاوة عجيبة قبل أن تستقبلها العيون. ففي لفتة كريمة من الوزارة وسبق آخر لوكالتها للشؤون الثقافية كرم رهط من الخطاطين السعوديين الرواد والمعاصرين لتكون تلكم خطوة غير مسبوقة، ولكم ناديت ونادى غيري من الكتاب السعوديين خلال أربعين عامًا مضت، ومنذ بداية كتابتي بصحيفة الندوة طيبة الذكر بأن يكرم الخطاطون القدامى، وفي مقدمتهم الشيخ محمد طاهر الكردي المكي الخطاط الذي كان عالمًا ومؤرخًا في الوقت نفسه وكتابه الضخم الشهير "التأريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم" يعتبر من أهم ما أُلف في تاريخ أم القرى في العصر الحديث لتتبعه كل شاردة وواردة في مكة شرفها الله حتى أنه ذكر "زيت المازولا في مكة" والسمك واللحم الطري في مكة" وهذان مثالان عارضان لدقة هذا الرجل وحرصه وعلمه. وقد آلمني كثيرًا أن لم يحضر أحد من حفدته لاستلام درع تكريمه، فاستلمها الصديق الدكتور زيد الفضيل نيابة عنهم، وقد كرم خطاطون بارزون آخرون منهم مع حفظ الألقاب: جمال الكباسي الربيعة وخير الله التركستاني وعبدالرزاق خوجة وعبدالله علي رضا وناصر الميمون وسواهم، وكنت أتمنى لو كان الخطاط محمد سالم باجنيد من ضمن المكرمين وهو صاحب مدرسة متفردة في تشكيل آيات القرآن الكريم وشارك في معارض دولية عدة. كما كرم مجموعة من المؤلفين السعوديين، الذين فازت مؤلفاتهم في فروع معرفية عدة منهم الزميل العزيز الأستاذ الدكتور عالي بن سرحان القرشي وآخرون رجالًا ونساءً، وقد جاءت كلمة سعادة وكيل الوزارة للشؤون الثقافية الدكتور ناصر الحجيلان معبرة بتركيز شديد عما تم إنجازه في هذه التظاهرة الثقافية الكبيرة التي لا تقتصر على عرض الكتب فحسب بل تضم برنامجًا ثقافيًا حافلًا بالمحاضرات والندوات وورش العمل. وأقولها بتجرد تام: إنني شاركت ولله الحمد بمحاضرة مطولة في معرض القاهرة الدولي للكتاب في العام الماضي 2013م بدعوة كريمة من سعادة الملحق الثقافي السعودي، وأكاد أجزم بأن معرض الرياض أصبح يتفوق كثيرًا على معرض القاهرة في كل فعالياته وفي حسن تنظيمه واستقطابه للناشرين العالميين والمحليين، وأكاد أجزم أيضًا بأنه معرض الكتاب الدولي الأول في الوقت الحاضر على مستوى العالم العربي كله. Moraif@kau.edu.sa للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (53) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain