×
محافظة المنطقة الشرقية

حضرها عدد من رجال الأعمال والمفكرين والمثقفين .. ديوانية السالم تستضيف رجل الأعمال الشيخ أحمد حسن فتيحي

صورة الخبر

محمدو لحبيب ذات لحظة باريسية ومن شرفته أبصر الكاتب والفيلسوف ادغار موران حادثا بين شاحنة ودراجة، وللوهلة الأولى كما يقول، أيقن أن سائق الدراجة هو الضحية، لأنه كان ملقى على هامش الطريق وبجانبه دراجته المتداعية. فيما بعد وحين نهض سائق الدراجة ليعتذر لسائق الشاحنة لتجاوزه إياه في لحظة انتشاء بالسرعة، صاغ ادغار موران نظريته حول الهلوسة المعرفية، أو كما سماها المركبة الإهلاسية للمعرفة. فيما بدا ولأول وهلة للفيلسوف الفرنسي ومؤلف كتاب مقدمات للخروج من القرن العشرين أنه من المنطقي أن تكون الشاحنة هي المتسببة في الحادث، لماذا؟، تلك حتمية منغرسة في الذهنية ربما لأن الشاحنة أكبر و أقوى من الدراجة؟. لقد حلق عباس بن فرناس ذات يوم من قمة جرف، كي يحقق حلم الطيران الحر، وكي يتخلص من العبودية لجاذبية أمنا الأرض، لكنه أثناء محاولة تحرره تلك، نسي أن الطيران يتطلب أشياء أكبر من تلك الحتمية، لقد اعتقد عباس أن مجرد قفزة من فوق قمة جبل، وبجناحين عريضين يلتصقان بإحكام على كتفه وصدره، هو أمر كاف لحدوث الطيران الحتمي، وإدراك صورة العالم من أعلى، لكن يبدو أن تنظير عباس، وربما رغبته الجامحة في أن يعيد تشكيل صورة واقعه من الأعلى، كل ذلك جعله ينسى أساسيات فيزيائية تتعلق بثقل الجسم الطائر. هل بتنا مسكونين كشعوب عربية بتلك الحتمية ؟ ربما؟، فنحن مثلاً في لحظتنا الحاضرة وفي بعض زوايا جغرافيتنا الممتدة من الماء إلى الماء نحاول غالباً أن نتحرك وفق قاعدة مضمونها أن تاريخ الآخرين سيعيد حتماً نفسه عندنا إذا نحن اتبعنا نفس خطواتهم حذو الرجل بالرجل. لذلك وفي نقاشاتنا العامة في الفضائيات وفي المساحات الافتراضية في مواقع التواصل الاجتماعي، نستدعي مثلاً نظريات فلسفة الثورة وكأنها حتماً ستكرر نفسها وتاريخها المتراكم عندنا وبنفس طريقة سيرورتها منذ القرن السابع عشر. لكن الواقع المتجاوز للنظرة الأولى والمحكومة بأشياء غائصة في الذهنية ومعقدة التركيب ومنتجة لنوع من الهلوسة المعرفية كما يرى موران، سيقول شيئاً آخر، شيئاً نسبياً، شيئاً أكثر حذراً فيما يتعلق بالاستنتاجات المباشرة التي تعتلي ظهر الحتمية. ماذا يقول لنا الواقع إذاً؟ إنه يقول إننا كعرب مختلفون في ذهنياتنا، في طبيعة مجتمعاتنا، في حوافز رد الفعل عندنا، عن الآخرين، ليس ذلك فقط، بل إننا مختلفون في أنفسنا بحسب الجغرافيا القطرية والمؤثرات الثقافية الخاصة بكل بلد.من الخطأ ألا نعرف أنفسنا جيداً، وألا ندرك بحذر ووعي مآزق الحتمية وارتباطها أحياناً بالهلوسة والحكم المسبق على الحدث. pechike@gmail.com