النسخة: الورقية - سعودي أن تجد الفرح يتسلل إلى نفسك، يفيض من قلبك، معرّشاً على نواصي وجهك، مشرقاً على وجنات محبيك ومن حولك، ممن يعانق البياض قلوبهم النظيفة، فذاك هو شعور الذات ربما بنجاحها، ربما بمن صنعوا منها أدوات العطاء، ربما بما بذلته من جهود، وما تكبدته من معاناة، تُترجَم إلى احتفاء من الغير، ممن يشهدون للعطاء، ويميزونه بميزان التقدير. كل هذه المشاعر تناغمت في ذاتي عندما جاءني الاتصال من «إثنينية عبدالمقصود خوجة» لتبليغي بتكريمي، الأسبوع الماضي، في هذه «الإثنينية» العريقة التي دأبت على تكريم المثقفين والأدباء من الجنسين، شكراً وعرفاناً بما قدم الشخص الإنسان لمجتمعه ووطنه، وهي «إثنينية» عريقة كرّم صاحبها المئات من الجنسين، كتاباً أو شعراء أو روائيين أو باحثين أو مفكرين، وفي مختلف الجوانب الأدبية والعلمية والخيرية. لست هنا بصدد الشكر لهذه «الإثنينية» (المؤسسة الثقافية الخاصة) وشكرها، وصاحبها، فهي ليست بحاجة إلى ثنائي، أو ربما يقال لأنها كرمتني، بل لأن لها ميزة مختلفة، ووجهة مختلفة عن بقية المؤسسات الثقافية الخاصة، بتكريمها المبدعين وهم أحياء، يرون ويسمعون ويعيشون لحظات تكريمهم، مشاركين أهلهم ومحبيهم الفرحة الجميلة والنشوة المحلقة بأحضان الذات المفعمة بالجمال، ليست كالمؤسسات الثقافية الرسمية التي لا تحتفي إلا بالأموات بعد أن يصبحوا هامدين في أجداثهم، ينتظرون قيام الساعة. ولأنها أيضاً لا تفرّق في عملية التكريم بين النساء والرجال، بينما المؤسسات الثقافية الرسمية لا تعترف إلا بالذكورية، ولا تنظر إلى التكريم من باب التفوق أو التميز. «إثنينية خوجة» لها السبق في تكريم النساء أمثال لمياء باعشن وثريا عبيد وأشجان هندي وأميمة الخميس وبدرية البشر، وكثير من النساء اللاتي لا تحضرني أسماؤهن ممن قدمن عطاءاتهن فكراً وعلماً، ومع هذا العطاء تحملن الكثير من المتاعب الاجتماعية والإعلامية، لكن قوة الإرادة كانت هي اليد الطولي في الإنجاز والابتكار ومواجهة المتاعب التي كانت من الممكن أن تكون عائقاً يتحكم في غاياتهن. «الإثنينية» منتدى أدبي أسسه الشيخ عبدالمقصود خوجة عام 1982 تقام فاعليتها كل يوم إثنين، وكرمت أكثر من 460 شخصية إقليمية ودولية من الجنسين، وما زالت فاتحة ذراعيها لكل المبدعين الذين سنراهم يُكرَّمون فيها قريباً بإذن الله. يظل لكلٍّ رأيه في شخصية المكرمين، فهناك من يراها تستحق، من خلال اطلاعه وثقافته ومحبته للشخصية واقتناعه بما تقدمه، وهناك من يراها لا تستحق من خلال كرهه للشخصية أو عدم اطلاعه على ما تقدمه، ويظل الجدل مستمراً، لكن «الإثنينية» لها مقاييسها ولجنتها، في اختيار من ترى أنه جدير بتكريمها وتقديرها، وتظل مفتوحة تنحاز إلى كل شخصية مميزة في الثقافة والطرح، ولكل فكر نزيه منصب على الرقي بالإنسانية والمجتمع والأدب. نعم، فرحتُ لأتذوق طعم الاحتفاء بالذات، ذاتي التي لم يعرف الناس معاناتها ومحاربتها لتكون كما يجب، ولتبحر في عالم الشعر والنثر، في وقت لم يكن فيه شيء من الانفتاح الإعلامي والكتابي، في وقت كانت الكتابة فيه بالورقة والقلم، والتواصل بالرسائل البريدية، فلا «فاكس» أو «كومبيوتر» أو «إنترنت»، أو «إيميل»، أو حتى «تويتر» و«فيسبوك». كان الاتصال مع الصحف في غاية الصعوبة وكانت عملية النشر - في حد ذاتها - أكبر معاناة، ولاسيما من النساء، في وقت لم يكن فيه المجتمع يقتنع بصوت المرأة أو قلمها. zainabgasib@hotmail.com @ zainabghasib