×
محافظة المنطقة الشرقية

أخضر التنس يبحث عن الذهب أمام الكويت.. اليوم

صورة الخبر

أيا دندنات العود اطربيني.. تناثري علي.. عطري فؤادي ذوبيني... ذوبي في مشاعري اغسلي أنيني.. وامسكي يدي.. بعثريني كيفما تشائي ثم لملميني.. وامضي بي.. راقصي حنيني.. ضميني إليك واعطفي علي.... صارحيني، حملتِ بسمة إلي أم جئتِ للجمال تحمليني؟؟ خبريني يادندنات العود. .. نص شعري متواضع خطه قلمي وصرت أردده كلما أرهفت السمع لروائع هذه الآلة الوترية الموغلة في القدم التي تعود لـ 5000 عام أو يزيد، وقد نحتت نفسها على جدران التاريخ والإبداع كالموناليزا.. إلا أنها موناليزا نسمع صوت دندناتها بمجرد أن نمسك بالريشة الخاصة بها لإضافة الألوان التي تبرز جمالها بأنغام مختلفة ونوقن تماماً أننا لن نرى سحرها الحقيقي إن لم تكن الريشة بين أنامل دافنشي آخر بارع يدرك سر نظرتها وابتسامتها ويرسم صوتها ليسمعنا إياه على هواه. وبما أن آلة العود هي الآلة الرئيسية في موسيقى الحضارة العربية ككل فمن البدهي جداً أن يكون لها عازفون محترفون وهواة، فتألقت من ضمنهم ريشة العازف والمغني المبدع الفنان السعودي صاحب العديد من الألقاب.. موسيقار الجزيرة.. أخطبوط العود.. سفير الحزن وغيرها.. وكان من أحبها إليه.. عبادي الجوهر أو أبو سارة وهو عبدالله محمد الجوهر الغني عن التعريف بلا شك، غير أنني أحببت أن أفرد له مساحة بين مقالاتي إعجاباً وتقديراً لرحلته الطويلة مع الإبداع ولا سيما هو صاحب تلك الريشة التي لا تكاد تلامس عوده حتى تتراقص الأوتار والأشعار كأزهار قطفت من أغصان الفلك وحملها النسيم لتملأ المساحات بالأريج والرضا. عبادي الجوهر حالة استثنائية.. ينفذ كالضوء إلى عالم الروح والذات فيمزج المشاعر والذكريات والخواطر مع حسه الأنيق ورؤيته الفنية في قالب واحد لتكون خلاصة المزج جواهر ينافس بعضها بعضاً تتمثل في ألحانه وأغانيه وتعاونه اللطيف مع كبار الشعراء كالأمير بدر بن عبدالمحسن في أجمل قصائده... المزهرية... والأمير عبدالرحمن بن مساعد في روائعه... شهر... قالو ترى.... ومن روائع عبادي أيضاً، أجهلك، نساي، الجرح أرحم، سوالف رحلتي، بس معك، آخر آمالي والكثير من الجواهر التي لاتستوعبها هذه المساحة.. ولا ننسى معزوفته الإسبانية (ديسبرادو) التي دمج فيها تقاسيم شرقية مع محافظته على روحها الأصلية وذلك في بداية الثمانينيات. وقد تميزت أعماله بثراء أبعادها وتفاصيلها التي تلمسها الموهبة ولا يدركها الوصف المجرد؛ لأنها خارج نطاق العادية؛ إذ يجسد خيال الشاعر في لحنه ويحقق الصورة في صوته فيأخذنا لعالمه، حيث يكثف الوجود ويضعه رهن يديه فيحرك الساكن مابين الواقع والمتأمل، ويقاسمنا تقاسيم عزفه بسخاء فنحس بأننا رفقاء دربه عبر الخيال حتى يكاد يبدو حلماً ويمنح اللحظات بداخلنا لمسات خالدة. يدهشني حقاً إبداع هذا الإنسان وهدوؤه في الغناء وفي العزف وفي اختياره للنصوص وفي كل ما يتعلق به... يخور الإحساس عندما تنبض الأوتار بين يديه والكلمات.. يسند إليه الشاعر حرفه وأمانيه وهو واثق جداً بأن قصيدته ستصبح بين يديه أروع مما كانت عليه. كأن الأشياء مرهونة به إن حزن حزنت وإن فرح فرحت وإن تمشى رافقت خطاه وإن جاءت بباله خاطرة نجد كل الأشياء قد همست بها.. غناء عبادي وعزفه للعود صنوان متلازمان في عالم الجمال. وكما قيل قديماً: من لا يطربه العود وأوتاره ولا الربيع وأزهاره فهو فاسد المزاج ليس له علاج.