×
محافظة المنطقة الشرقية

وزراء: طوق نجاة لذاكرة الأمم وحماية للتراث الثقافي في مناطق الصراع

صورة الخبر

استمع د. عصام نعمان في ذكرى قرار تقسيم فلسطين (1947/11/29) يحتفل الفلسطينيون والعرب. نعم، يحتفلون خطابياً مستذكرين ومنددين. بعضهم يرثي القضية، بعضهم الآخر يتضامن، لفظياً، مع أهلها. الرثاء حيال ما انتهت إليه القضية بعد نحو 70عاماً مفهوم، لكن التضامن الحقيقي مع أهلها مفقود. ثمة أسباب كثيرة لتراجع القضية، لكن واحداً منها يبقى الرئيس والأكثر صدقية. إنه تقصير أصحابها، فلسطينيين وعرباً، عن الوفاء بمتوجبات نصرتها والنضال الجدّي في سبيلها. يمكن إيراد أسباب كثيرة ومفهومة لذلك التقصير، لكن ما لا يمكن فهمه وتبريره هو طول أمد التقصير، بل الإهمال المتعمَّد، طوال سبعين عاماً والعجز بعد ذلك كله عن اجتراح نهج علمي راديكالي لتجاوز التقصير والإهمال بمباشرة التصدي لأعداء القضية، الداخليين والخارجيين، ومغالبتهم. حرصتُ على متابعة ما قاله المحتفلون بذكرى التقسيم الأليمة في لبنان وبعض أصدائها في العالم، فخرجت بانطباع حزين مفاده أن رثاء القضية ما زال غالباً، والتضامن اللفظي مع أهلها ما زال لفظياً، وأن ما صدر عن الأجانب في هذا المجال أكثر صدقاً وواقعية. استوقفني كلام العماد ميشال عون، الرئيس الجديد لجمهورية لبنان المتعثرة. لم يتوانَ الرجل، رغم حملة التشكيك والتجريح التي تستهدف الفلسطينيين في أوساط شعبية قريبة وبعيدة منه، عن تحيتهم بحرارة والتأكيد بأنهم يعيشون في لبنان بفعل تهجيرهم القسري، وأن اللبنانيين الذين فتحوا لهم قلوبهم هم المتضامنون الأُوَل مع قضيتهم العادلة، مؤكداً حرصه على التعامل الإيجابي لمؤسسات الدولة معهم لصون كرامتهم وتوفير ظروف عيش كريمة لهم حتى تحقيق أهداف قضيتهم بالعودة إلى أرض فلسطين. لم يقل إن أهدافهم العادلة تتمثل بحل الدولتين بل بالعودة إلى أرضهم. كم من القادة الفلسطينيين، مقاومين وسياسيين، ما زال يتمسك بحق العودة دون غيره مطلباً ونهجاً ؟ ثم، أليس التمسك بحق العودة يستوجب بالضرورة التزام نهج نضالي لتحقيقه؟ لم أقع على موقف واضح ساطع من مسؤولي حركة فتح (البالغ عددهم 1400 الذين يشاركون في مؤتمرها السابع بعد مرور سبع سنوات على مؤتمرها السادس العام 2009) يؤكد بأن حق العودة يبقى المطلب الأول والأساس للشعب الفلسطيني في أرضه وشتاته. أليس لافتاً أن يكون الاهتمام الأول، وبالتالي الإنجاز الأول لمؤتمر حركة فتح في يومه الأول، تجديد الثقة بالرئيس محمود عباس وانتخابه قائداً عاماً لها ! ليس سراً أن حركة فتح، كما السلطة الفلسطينية، ما زالتا تتبنيان حل الدولتين وتدعوان إلى تحقيقه في وقت تحرص حكومة بنيامين نتنياهو على توسيع رقعة الاستيطان وزرع المستوطنين في مناطق الضفة الغربية والقدس لجعل مطلب الدولة الفلسطينية مستحيل التحقيق. من المعلوم أن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت أصدرت في ذكرى تقسيم فلسطين سنة 1977 قراراً بالاحتفال بذلك التاريخ كيوم عالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. يوم الأربعاء الماضي احتفل مكتب الاسكوا بهذه المناسبة في مقر المنظمة الدولية ببيروت. ما موقف الأمم المتحدة من قضية فلسطين في هذه الآونة؟ الأمين العام بان كي مون بعث برسالة ألقتها بالنيابة عنه المنسقة الخاصة بالأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، جاء فيها بالحرف: إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني جرح غائر قديم العهد...ولا يزال القادة الإسرائيليون والفلسطينيون يعبّرون عن دعمهم للحل القائم على وجود دولتين. ولكن الأمر قد ينتهي بهم إلى ترسيخ واقع الدولة الواحدة ما لم يبادروا إلى اتخاذ خطوات عاجلة من أجل إحياء منظور سياسي. من الواضح أن بان كي مون يرثي حل الدولتين إن لم يكن يرثي القضية نفسها. ومع ذلك يدعو إلى إحياء حل الدولتين باتخاذ خطوات عاجلة من أجل إحياء منظور سياسي، أي إحياء المفاوضات بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني التي بدأت سنة 1993 (اتفاق أوسلو) ولمّا تنتهي بعد! آن الأوان ليدرك القادة الفلسطينيون أن لا أمل بتدبير عملي منتج من الأمم المتحدة. ثمة أمل ضئيل جداً بأن يستجيب الرئيس باراك أوباما نصيحةَ الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بالاعتراف بدولة فلسطين قبل مغادرته البيت الأبيض في 2017/1/20، كما جاء في مقاله المنشور في صحيفة نيويورك تايمز. الخيار الأفضل والأفعل هو إعادة بناء منظمة التحرير لتكون إطاراً جامعاً للوحدة الفلسطينية ولإحياء القضية مجدداً بالعودة إلى نهج المقاومة المدنية والميدانية إلى أن يتحقق المعنى الحقيقي لتحرير فلسطين وهو عودة الفلسطينيين إلى أرضهم وبيوتهم بلا قيد ولا شرط. inaaman@issamnaaman.com