تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي في خطبة الجمعة اليوم عن أعظم أمراض القلوب وهو الغفلة وذكر أن على العبد أن يبتعد عن كل عمل يبغضه الله ويأباه فتقوى الله سعادة الدنيا. وبين فضيلته أن على العباد أن يصلحوا قلوبهم بما يصلح القلوب وأن يراقبوها من الواردات عليها المفسدة للقلوب فالقلب ملك الجوارح كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب. وأشار فضيلته أن أعظم أمراض القلوب هي الغفلة فالغفلة المستحكمة هي التي شقي بها الكفار والمنافقون وهي التي أوجبت لهم الخلود في النار قال الله تعالى : مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ. وأوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن الغفلة قد تكون من المسلم عن بعض أعمال الخير وعن الأخذ بأسباب المنافع والنجاة من الشرور فيفوته من ثواب الخيرات بقدر ما أصابه من الغفلة ويعاقب بالمكروهات والشر بقدر غفلته بترك أسباب النجاة قال الله تعالى : وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ. وأكد فضيلته أن الغفلة هي عدم إرادة الخير وعدم محبته مع خلو القلب من العلم النافع والعمل الصالح وهذه هي الغفلة التامة المهلكة وهي غفلة الكفار والمنافقين التي لا يفلح المرء معها إلا بالتوبة إلى الله ولا يتبع الإنسان إذا استولت عليه إلا الظن وما تهواه نفسه ويزينه له شيطانه ويحبه هواه من الشهوات وهذه الغفلة هي التي عاقب الله بها الكفار والمنافقين في الدنيا والآخرة قال الله تعالى : وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ وأوضح فضيلته أن الغفلة مفتاح الشرور ويحرم بها المسلم من كثير من الأجور فالنجاة منها هي السعادة والبعد عنها رقي في درجات العبادة والحذر منها حصن من العقوبات في الحياة وفوز بالنعيم بعد الممات ولا يكون الاعتصام من الغفلة والنجاة منها إلا بالابتعاد عن أسبابها وعدم الركون إلى الدنيا التي تغر المرء عن آخرته ومما يعين المسلم على تجنب الغفلة المحافظة على الصلوات جماعة بخشوع وحضور قلب فالصلاة تتضمن حياة القلوب بما فيها من المعاني العظيمة. وفي الخطبة الثانية ذكر فضيلته أن أعظم ما ينقذ المسلم من الغفلة وآثارها الضارة ذكر الموت وما بعده فهو واعظ بليغ مشاهد مسموع يقين طعمه قريب لقاؤه واقع أمره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكثروا من ذكر هادم اللذات يعني الموت . وفي ختام خطبته دعا فضيلته الله سبحانه وتعالى أن يحفظ ويعز خادم الحرمين الشريفين وأن ينصر به الإسلام والمسلمين وأن يديم على هذه البلاد أمنها وأمانها أنه سميع مجيب.