تتضمن المرحلة الانتقالية لتسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب السلطة من سلفه باراك أوباما الكثير من الاجتماعات ويتصدرها الشأن السوري، كأصعب تحد أمام الرئيس الجديد في الشرق الأوسط. ومن هنا يشدد كل من وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت ومستشار الأمن القومي السابق ستيفن هادلي على ضرورة «منح ترامب الوقت»، مع اعتقادهما بأنه منفتح على خطوات تصعيدية قد تشمل تسليح بعض فصائل المعارضة. وأكد المسؤولان السابقان في تصريحات لـ «الحياة» بعد نشر تقرير في مركز «أتلانتيك كاونسل» أول من أمس، ضرورة تغيير المعادلة العسكرية في الميدان السوري بهدف زيادة التأثير الأميركي ورفع الضغط للوصول الى تسوية سياسية. وقال هادلي: «من أجل زيادة التأثير الأميركي، علينا تسريع وتقوية جهودنا في محاربة تنظيمي داعش والقاعدة هناك وهذا سيمنحنا نفوذاً أكبر». وأضاف: «علينا أيضاً أن نزيد من قوتنا العسكرية من خلال استخدام أسلحة عبر حاملات طائرات وأيضاً تزويد وحدات في المعارضة تم التحقق من رصيدها بأسلحة نوعية وصواريخ دفاعية وعندما تسقط إحدى طائرات (الرئيس السوري بشار) الأسد، يتغير الجدل». وطرح هادلي، وهو من بين الأسماء المحتمل مشاركتها في إدارة ترامب إما في وزارة الدفاع أو الخارجية، انه «عندما نتحدث عن إنشاء مناطق آمنة أيضاً ليس بالضرورة أن تحميها أميركا بل تتم حراستها من قوات محلية على الأرض وأسلحة مقدمة لهؤلاء لحماية المدنيين». ورفض هادلي وأولبرايت فكرة قراءة موقف ترامب من خلال ما قاله في الحملة الانتخابية ومغازلته روسيا خلالها، فيما قالت وزيرة الخارجية السابقة: «إن المراحل الانتقالية وما نراه الآن مع ترامب (قبل خروج أوباما) مهمة جداً.... وفي المرحلة الانتقالية التي شاركت فيها من جورج بوش الأب الى بيل كلينتون في ١٩٩٢ كانت هناك أسئلة عما يمكن القيام به في الصومال وهناك استشارات بين من يدخل ومن يخرج من الإدارة وتم وضع طروحات وتصورات مختلفة عما ذكر في الحملات في هذا الصدد». وأضافت اولبرايت التي كانت من المقربين من منافسة ترامب هيلاري كلينتون: «يجب أن يكون هناك جهد مشترك والسعي من خلال الكونغرس للدفع بالتوصيات وأنا كنت مع السناتور جون ماكين، وهو يؤيد هذه الأفكار للتأثير في ترامب». وأضافت: «إن الوحشية في حلب لا يمكن التغاضي عنها، وأعتقد علينا البناء أيضاً على كلام المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا والسعي للضغط لتحريك العملية السياسية». وحذر هادلي من مغبة التسرع في الحكم أو استباق سياسات ترامب، قائلاً: «هو يقوم باستشارات واسعة، من المبكر الحكم على ترامب في موضوع ايران أو غيره والرئيس الجديد يستشير ومنفتح اليوم على (حاكم ولاية ماساشوستس السابق) ميت رومني والجنرال السابق ديفيد بترايوس وغيرهما وموقفهما واضح من روسيا وسورية وقريب جداً من توصياتنا حول الحرب». وقالت أولبرايت أنها «أعجبت بالاطلاع على ملخص والقراءة من اجتماعات أوباما وترامب واتصالاتهما». واقترح هادلي خريطة طريق للمنطقة تبدأ بتخفيف «حدة الحروب الأهلية وإذا هزمنا داعش والقاعدة عندها تخف حدة الانقسامات المذهبية وتوفير فرصة لحوار إقليمي يشمل السعودية وايران، وهذه الآلية يمكن أن تفتح الباب للنقاش والتراجع عن المواجهة». واقترح التقرير الذي استغرق العمل عليه أكثر من عام وشمل لقاءات عدة في عواصم عربية رئيسية بين القاهرة والرياض وعمان، استخدام قوة عسكرية أكبر وتحركات سرية في سورية للمساعدة في التوصل لتسوية سياسية لإنهاء الحرب، لافتاً الى أن «الانعزالية هي وهم خطير» للسياسة الخارجية الأميركية رغم الإقرار بأن حلول المنطقة واستقرارها ليست بيد الولايات المتحدة. ويدعو الدول الأخرى للمساعدة في حسم الصراعات في العراق وليبيا واليمن ودعم الإصلاح الداخلي في جميع أنحاء المنطقة. وقال التقرير: «ينبغي أن تكون الولايات المتحدة مستعدة للاستعانة بالقوة الجوية وأسلحة المواجهات واتخاذ إجراءات سرية وتعزيز الدعم لقوات المعارضة لكسر الحصار الحالي على حلب وإحباط مساعي الأسد لتعزيز قبضته على المراكز السكانية في غرب سورية». ولم تتضح بعد السياسة التي سينتهجها ترامب في شأن سورية وبانتظار تعيينه وزيري الخارجية والدفاع. إلا أن الاستشارات والتعيينات الأولى لترامب تعكس نهجاً مختلفاً عن خطابه خلال الحملة، وتأثيراً كبيراً لنائب الرئيس مايك بنس في تشكيل الإدارة. اذ جاء تعيين النائب المتشدد خارجياً مايكل بومبيو على رأس وكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي.أي) كمؤشر تصعيد ضد إيران وحلفائها الإقليميين. كما تدل اجتماعات ترامب مع مرشحي وزارة الخارجية وهم رومني ورودي جولياني وبترايوس والسناتور بوب كوركر الى تحول عن نهج اوباما وكون جميع هذه الأسماء تؤيد تحركاً أقوى لاحتواء نفوذ ايران فيما يؤيد كوركر ورومني وبترايوس تسليح المعارضة السورية. وفي وزارة الدفاع ، فإن الاسم المرجح هو الجنرال السابق جايمس ماتيس والذي غادر منصبه في ٢٠١٣ بسبب خلاف مع إدارة اوباما وليونتها الإقليمية تجاه طهران. وسيحسم ترامب مناصب الدفاع والخارجية والأمن الداخلي الأسبوع المقبل كما يصوت الكونغرس نهاية الأسبوع المقبل على مشروع الموازنة الذي يتضمن شق دعم قوات في سورية وبرنامج «التدريب والتجهيز» لمحاربة «داعش».