كتب كارل فيليب في كل الأشكال الموسيقية ما عدا الأوبرا. تشكل أعماله للكلافير، وكونشرتاته وسيمفونياته غالبية جهده الموسيقي في برلين عند الملك فريدريش، وألف كذلك عدداً قليلاً من الأعمال الغنانية الدينية والدنيوية في هذه الفترة. أما في هامبورغ، فقد طغت الأعمال الغنائية على الموسيقى الآلية كما رأينا. موسيقى كارل فيليب مملوءة ابتكارات، وتتميز بعمق العاطفة، على رغم محدودية أبعادها. ويقال إن والده انتقده في يوم من الأيام لإسرافه في التعبير العاطفي. وأحد أهم ميزات موسيقاه استخدامه التلوين الموسيقي في الهارموني في شكل أكثر جرأة وحرية. وكان هايدن وموتسارت وبيتهوفن من المعجبين بفنه وبقيمته، وقد درسوا أعماله وساروا على خطاه في بناء شكل السيمفونية وتطويره، وتلقفوا سوناتاته التي تميزت بالتحرر من القيود والنزوع إلى الابتكار والارتجال، واستندوا إليها في إيصال فن السوناتا نحو الكمال. كان موتسارت يقول عنه: «هو الأب، ونحن أولاده». لم تندثر أعمال كارل فيليب بعد وفاته، واستمر تأثيرها حتى في القرن التاسع عشر. وعلى رغم تقليل روبرت شومان من أهميته نسبة لأهمية أبيه، كان فيلكس مندلسون من المتحمسين له (وقد حصل على الكثير من مخطوطات أعمال باخ الأب والابن كارل فيليب من جدته سارة ليفي التي كانت من بين أصدقاء كارل فيليب في برلين). كما اهتم يوهانس برامز به وأعاد توزيع بعض أعماله. تحفظ مخطوطات أعماله اليوم في مكتبة الدولة في برلين، وكان البلجيكي ألفريد ووتكان قد وضع تصنيفاً لها صدر عام 1906، وصدر متأخراً تصنيف آخر وضعه الباحث إرنست يوجين هَلم في 1989. وفي عام 1999 عثر الباحثون على نسخ من أعماله في مكتبة Sing-Akadimie في برلين، وهي كانتاتات وآلام المسيح (باسيون) بالدرجة الأولى، كان يعتقد أنها أتلفت في الحرب العالمية الثانية. عندها برزت فكرة إعداد طبعة ورقية ورقمية كاملة لأعمال باخ سميت «كارل فيليب إيمانويل باخ: الأعمال الكاملة». أخذ معهد باكارد للإنسانيات على عاتقه هذه المهمة بالتعاون مع أرشيف باخ في لايبتسيغ، وأكاديمية العلوم السكسونية في لايبتسيغ، وجامعة هارفارد. يرأس هيئة تحرير المشروع العالم الموسيقي البريطاني المعروف كريستوفر هوغوود مؤسس فرقة أكاديمية الموسيقى القديمة (AAM)، وهي واحدة من أهم الفرق الموسيقية وأقدمها التي تخصصت بتقديم موسيقى عصر الباروك على آلات ذلك العصر، وتستعمل تقنيات العزف القديمة. وستكون هذه الطبعة المنقحة حية، أي أن التصحيح سيكون مستمراً في الطبعة الرقمية الموجودة على الإنترنت. تحتفل باليوبيل المدن الألمانية التي ترتبط باسم هذا الموسيقي الكبير، وهي فايمار حيث ولد، ولايبتسيغ حيث درس وعاش، وفرانكفورت على الأودر حيث أتم دراسته، وبرلين وبوتسدام وهامبورغ حيث عمل، وكذلك عدد من المدن الأخرى التي لا ترتبط به مباشرة. ويذكر منظمو الاحتفال أن عدد النشاطات التي ستقام في هذه السنة حوالى مئتي نشاط منوع بين حفل موسيقي وندوة علمية ومعرض. كما سيجري الانتهاء من إصدار تسجيلات لأعمال كارل فيليب لآلات المفاتيح من ضمنها السوناتينات والكونشرتات لمناسبة الذكرى المئوية الثالثة، بأداء عازف الهاربسيكورد المجري اللامع مِكلوش شباني (ولد في 1962) ومن إصدار شركة BIS السويدية. ويبلغ عدد الأقراص المدمجة في هذه الطبعة 41 قرصاً. آفاق