طفلة كندية اسمها آدي لا يتجاوز عمرها 9 سنوات طلبت من والديها أن يتكفلا عائلة سورية لاجئة كهدية في عيد ميلادها وإجراء المعاملات لتسهيل وصولها إلى كندا والاستقرار فيها، وذلك من دون أن تدري أن عائلتها متوسطة الحال ولا تملك المال ولا طاقة لها للقيام بهذا العبء. وكانت هذه الفكرة تناهت إلى مسامع آدي من خلال ما كان يتردد على لسان أمها زاراه على هامش الدرس، إذ كانت الطفلة تتلقّى تعليماً منزلياً عوضاً عن أنظمة التعليم الرسمي أو الخاص، لا سيما حين تتحدّث الوالدة عن مآسي الأطفال الذين تتداول صورهم وسائل الإعلام العالمية وتعرض جثثهم الممزقة من بين الأنقاض والأبنية المدمرة، أو تلك التي يلفظها البحر إلى الشاطئ. وتبادر إلى ذهن آدي أن تقوم بجولة برفقة والديها في مونتريال، وتنشر حملة إنسانية ترمي إلى تأمين كفالات لعائلات سورية وإقامتها في كندا، من دون أن تعي صعوبة إنجاز هذا العمل الإنساني الذي يتطلّب أقله مبلغ 30 ألف دولار كندي، كمعدّل وسطي لكفالة عائلة واحدة. وعلى رغم ترحيب الأهل باقتراح آدي، إلا أنهم وقعوا في حيرة من أمرهم. فهم لم يخبروا مثل هذا العمل التطوعي من قبل، ويخشون ما قد يواجهونه من صعوبات أو أن تنتهي حملتهم إلى الفشل. بداية موفّقة بعد إلحاح آدي، كما هي حال الأطفال مع ذويهم للحصول على شيء يريدونه، على المضي بهذه «المغامرة»، انطلق الجميع في حملة واسعة لاستنهاض مشاعر الأفراد الميسورين والجمعيات الخيرية والإنسانية والحكومة والبلديات والمؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية وأبناء الجاليات السورية والعربية. وشاءت المصادفة أن يتناهى خبر حملة آدي إلى مسامع نائب المنطقة وزير الدفاع الحالي هارجيت ساجان (من أصول باكستانية). فتواصل مع الطفلة لمعرفة مزيد عن المشروع وطلب أن يلتقيها في مكتبه، حيث زارته ووالدتها التي قدّمت له ما في حوزتها من بيانات ووثائق ومعلومات، فوعدهما بالمساعدة. مفاجآت سارة اتصل النائب ساجان بأحد أصدقائه من رجال الأعمال، فتعهّد له بتقديم كفالة لعائلتين سوريتين. وطلب أن يلتقي آدي مجدداً التي انفرجت أساريرها إثر هذه الاستجابة السريعة، فتشجّعت وأهلها على المضي قدماً في جمع التبرّعات. وأنشأوا لهذه الغاية موقعاً إلكترونياً تحت عنوان «اللاجئون يعنوننا – Refugees Matter». وخلال أيام قليلة نجحت الحملة الإعلانية بتوفير أموال تكفي لكفالات كاملة لسبع عائلات سورية، جُمعت بالتعاون مع هيئات مدنية ودينية وإنسانية. وتأمل آدي بأن تتمكّن حملتها في نهاية العام الحالي من كفالة أكثر من 20 عائلة. ويذكر في هذا السياق أن عدد المكفولين من اللاجئين السوريين في مقاطعة كيبيك خلال عامي 2015 و2016 (حتى 10 تشرين الثاني - نوفمبر الماضي)، بلغ 1138 شخصاً كفلتهم الدولة، و5213 شخصاً كفلهم أفراد وهيئات مدنية ودينية، علماً أن إجمالي المكفولين في كندا يبلغ عددهم 33239 شخصاً. حفاوة رسمية إثر هذا الإنجاز الإنساني، تلقت آدي اتصالاً جديداً من النائب ساجان يدعوها وأهلها إلى الحضور إلى البرلمان الاتحادي في العاصمة أوتاوا. وقد رافقها بعد اللقاء بجولة داخل أروقة البرلمان، واحتفل بعيد ميلادها تكريماً وتقديراً لأمنيتها الإنسانية. كما التقت آدي رئيس الوزراء الكندي جوستان ترودو في إحدى المناسبات فصافحها واحتضنها، وجثا على ركبتيه يحادثها بإعجاب وحب وحنان. ولدى عودة آدي إلى منزلها العائلي في فانكوفور، استقبلها رئيس البلدية غرغر روبرتس وأثنى على مبادرتها وقلّدها وسام السلام.