تمر اليوم الذكرى الخامسة والاربعون ، لاستشهاد ابن الاردن الخالد وصفي التل ، الذي تعاقب على تخليد ذكراه الابناء والاحفاد ، ممن لم يعايشوا الشهيد ، لكنهم احبوه مما سمعوه عن مزايا الشهيد ، من عمق عشقه للاردن الدولة بكل مكوناتها ، وعشق للنزاهة والعدالة ، وحرب بلا هوادة شنها الشهيد الخالد ، على كل قوى الفساد في المجتمع الاردني . لقد اثبت الشعب الاردني انه شعب اصيل ، لا ينسى رجال الوطن الاوفياء المخلصين ، وها هي اصالته تتجلى ، في استمرار تخليده لذكرى استشهاد ابنه البار وصفي التل ، ففي الثامن والعشرين من شهر تشرين الثاني من كل عام ، تبوح الاقلام بمكنونات الحب والوفاء للشهيد الخالد ، ولم تزدنا السنون الا محبة له ، وتقديرا لوطنيته ، وشجاعته ، وتضحيته في سبيل الحق ، وفي سبيل ان يعيش الاردني على ارض وطنه بكرامة ومرفوع الراس ، وكانت قمة تضحيته ، ان قدم حياته ودمه فداءا للاردن . وتجسدت قمة الوفاء لشهيد الاردن الخالد ، بانضمام الشهيد ناهض حتر ، الى قافلة شهداء درب وصفي التل ، فالشهيد ناهض حتر ، كان صبيا في الحادية عشرة من عمره حين استشهد وصفي التل ، وهو من جيل ابناء وصفي ، نشأ يساريا ، ومع ذلك لم يلتحق بفكر من ظلموا الشهيد باحكامهم المعلبة الجاهزة ، التي تنطلق من فكر جامد ، فدأب الشهيد ناهض على دراسة سيرة الشهيد وصفي التل ، دراسة عميفة تحليلية ، ليستخلص منها ما بدّل قناعات ابناء فكره ، فكان الصوت الصارخ في البرية ، منصفا الشهيد وصفي التل ، ومؤكدا على وطنيته وعمق انتمائه للاردن ، معددا انجازاته ومآثره ، لا بل سار على دربه ، حين وجد فيه العاشق الاكبر والاصدق للاردن ، والعاشق ايضا لفلسطين ، والساعي الى تحريرها من رجس الاحتلال ، بالكفاح المسلح لا بالحلول الاستسلامية ، ورجل الدولة الصلب العفيف النزيه ، الذي يحارب بضراوة الفساد واللصوصية ، ويؤكد على هيبة المال العام من ان تطالها ايدي اللصوص ، والقائد الذي يعشق شعبه ، والكادحون منه على وجه الخصوص ، من عمال وفلاحين ومهنيين وجنودا ، ووجد فيه الاشتراكي بانجازاته ، خلال فترات توليه الموقع الاول في السلطة التنفيذية ، فقد حقق انجازات اشتراكية دون ان يكون يساريا ، التصق بالكادحين وعمل من اجلهم ولهم وعايش معاناتهم ، فكان اهتمامه الاول بالزراعة والفلاحين ، واهتم باقراض المزارعين ، فانشأ من اجلهم مؤسسة الاقراض الزراعي ، وساهم بايصال الطرق الى كل ارياف الاردن ، وكان التأمين الصحي ، ومجانية التعليم ، ومدينة الحسين الطبية ، من اجل ابناءالقوات المسلحة والاجهزة الامنية ، ابناء الكادحين ، وكانت الجامعة الاردنية ، وتم تدعيم القطاع العام والقطاع المشترك ، وكان الشهيد دبمقراطيا ، في عهده افرج عن المعتقلين السياسيين ، واحرق ملفاتهم في دائرة المخابرات . ولان درب الشهيد ناهض حتر ، كانت كدرب الشهيد وصفي التل ، كدرب كل الاحرار غير مأمونة ، كان الغدر بالمرصاد للشهيدين ، من قتلة ماجورين مضللين ، وكانت التضحية بالدم فداءا للاردن ، هي نهاية عاشقي الاردن ، ولهذا كان الشهيد وصفي التل حاضرا في جنازة الشهيد ناهض ، من خلال معيد النساء واستذكارهن وصفي ، ومن خلال هتاف رفاق الشهيد من ابناء الحراثين ، ومن خلال الاهازيج الوطنية ، يا مهدبات الهدب غنن على وصفي ، تخسى يا كوبان ما انت ولف لي ، التي حولت الجنازة الى عرس وطني . رحم الله الشهيدين وصفي التل وناهض حتر ، وكلنا امل ان تصبج دربهما ، درب الاحرار ، دربا مأمونة . مالك نصراوين