×
محافظة المنطقة الشرقية

حفيدة عدو بوتين.. وفاة شابة روسية وابن دبلوماسي في حادث سيارة غامض

صورة الخبر

الخليج يعني في اللغة مجرى مائي صغير يُختلج من مجرى مائي أكبر منه، وكان قلب القاهرة قديمًا، يُسمى بـ «الخليج المصري»، والذي جعل من وسط القاهرة، والشوارع المحيطة بها، مدينة «عائمة»، وتكالب الميسورين من أهل القاهرة على شراء الأراضي المطلة عليه، وتباروا في بناء البيوت وتزينها، وألزمتهم الحكومة بمسؤلية تنظيف الخليج وتنقيته من العوالق، كلُّ ينظف أمام منزله. أما العامة من الشعب وغير القادرين على السكن على ضفاف الخليج، فكان باستطاعتهم التمتع بمنظره والتنزه فيه وحضور الحفلات والمسامرات التي تقام أيام الأعياد والعطلات. الخليج المصري أحد المجاري المائية الصناعية التي شقها المصري؛ لتساعده على ري الأراضي التي لم يصلها النيل بشكل كافٍ، ويبلغ طول الخليج بحدود مدينة القاهرة الكبرى 46,20كم، ويبلغ عرضه من خمسة إلى خمسة عشر مترًا، وكان ارتفاع الماء به أيام الفيضان يصل إلى ما يقرب من ستة أمتار. ولم يكن له ضفاف وكورنيش للنزه فقد كانت البيوت تطل عليه مباشرة غاطسة في الماء كما نرى في فينسيا اليوم، ولكن بإطلالة مصرية عربية مفعمة بروح الأصالة؛ حيث طلت المنازل على الخليج من خلال مشربيات خشبية تبرز عن جدار المبنى بما يقرب من الربع متر، تسمح بمرور الهواء العليل ونسائمه المنعشة في حر الصيف، سانحة الفرصة لضوء الشمس أن يمر إلى الداخل متسللاً عبر المربعات والمستطيلات التي تنتج عن تعشيق خشب المشربية. ترجع بدايات الخليج المصري إلى العصر الفرعوني، وتحديدًا إلى الأسرة السادسة والعشرين، عندّما حاول نخاو بن بسماتيك، أن يحفر مجرى مائي، ولكنه لم يكمل العمل فيه، وحاول حينها بعض الحكام أن ينجزوا العمل في الخليج، إلا أنه لم يكتمل على أكمل وجه إلا في عهد بطليموس الثاني، ومن هُنا سمى في البداية باسم «خليج بطليموس». وبعدها، تعاقب الحكام على مصر وكان لكُل منهم بصمته على خليجها بين إعادة حفر أو نقل لفم الخليج، وتم إعادة الحفر مرة أخرى في عهد  الإمبراطور، تراجان، وسمى «خليج تراجان»، ثم دخل المسلمين مصر عام 641 ميلاديًا، وأعادوا حفر الخليج مرة أخرى، وعُرف باسم «خليج أمير المؤمنين»، كمّا عرف فيما بعد باسم «الخليج الكبير»، لكّي يُميز عن خليج فرعى آخر، باسم «الخليج الناصري»، الموازي له الذي أمر ببنائه الناصر محمد بن قلاوون في عام 1325، وكان الخليج الجديد الذي شق في عصر الناصر محمد يساهم مع الخليج المصري في تزويد البرك والحدائق المنتشرة في وسط القاهرة آنذاك بماء النيل لاسيما في أوقات الفيضان، ومن أشهر هذه البرك: «بركة الأزبكية وبركة الفيل وبركة الرطلي وغيرها من البرك». كانت ترعة الخليج المصري تتفرع من النيل جنوبي قصر العيني عند السواقي السبع التي تمد القناطر المقامة بجانبها بالمياه إلى القلعة ، ويعرف اليوم مكان هذه السواقي بفم الخليج. وكان الخليج يسير نحو الشمال الشرقي ثم ينعطف إلى الشرق الجنوبي حتى يصل إلى قناطر السباع حيث ميدان السيدة زينب اليوم ، ثم يعود سيره إلى الشمال الشرقي ماراً غربي بركة «الفيل» ثم غربي درب «الجماميز»، ويمتد إلى غربي «باب الخرق» ثم يخترق سور القاهرة عند باب الشعرية وهو يعرف اليوم بباب العدوي، ويسير خارج القاهرة إلى جامع الظاهر بيبرس ثم يسير بين المزارع إلى ناحية الزاوية الحمراء والأميرية وسرياقوس والخانكة. وكان يقع غربي الخليج من الشمال، أرض الطبالة وهي المنطقة التي تحد اليوم من الشمال بشارع الظاهر، ومن الغرب بشارع غمرة إلى ميدان باب الحديد(رمسيس) حيث كان يجري نهر النيل في العصر الفاطمي، ومن الجنوب بشارع الفجالة، و من الشرق بشارع الخليج المصري «الكبير»، وكانت تقدر مساحة أرض الطبالة بحوالي مائتي فدان، كان الخليفة المستنصر بالله قد وهبها إلى السيدة نسب الطبالة، فسميت المنطقة باسمها، وكانت بها بركة الرطلي ويسمى بها الحي المعروف اليوم . وكان يسير الخليج المصري في شارع «بورسعيد»، شارع «الخليج المصري» المذكور سابقًا، قديمًا، وتغير اسم الشارع عقب العدوان الثلاثي، وهو الشارع الذي يبدأ من منطقة فم الخليج عند بداية سور مجري العيون ويتجه ناحية الشمال الشرقي لينحني بإتجاه جامع السيدة زينت فيمر من أمامه مباشرة لينحني مرة أخري بإتجاه الشمال مارا بالحلمية ثم درب الجماميز ثم ميدان باب الخلق ثم الموسكي ثم ميدان باب الشعرية ثم الظاهر بالقرب من جامع الظاهر بيبرس ثم غمرة ليكمل طريقة فيما كان في الماضي أراضي زراعية إبتلعتها المدينة لتصبح الزاوية الحمرا والوايلي والأميرية والخصوص. ظل الخليج المصري مستعملاً في إرواء القاهرة و ضواحيها قروناً عديدة، إلى أن أنشئت شركة مياه القاهرة في عهد الخديو إسماعيل, ومدت أنابيب المياه إلى بعض الأحياء فقلت فائدة الخليج و أصبح ماؤه بها فضلات البيوت المطلة عليه ومياهها القذرة، وتحول إلى بؤرة للأمراض. وفي عام 1898 تعاونت شركة «ترام» القاهرة مع الحكومة على ردمه لمد خط الترام الذي كان يصل ما بين غمرة وباب الشعرية والسيدة زينب وشارع مدرسة الطب، وفي 26 أغسطس 1937 صدر مرسوم بتوسيع شارع الخليج إلى 40 متراً بين السيدة زينب وشارع رمسيس (الملكة نازلي سابقا)، وتم تنفيذ بعض أجزائه حتى عام 1954 ثم استكمل العمل بسرعة خلال عام 1955-1956، وألغي سير خطوط الترام في هذا الشارع واستبدل بالتروللي باص.