استمع مارلين سلوم لم ننسهم كي نتذكرهم اليوم فقط، وإنما في المناسبة تتوحد الكلمات والمشاعر، يتجدد القَسَم، تصمت الكلمات إجلالاً، تفتح عائلات الشهداء بيوتها مجدداً كي تستقبل الأحبة المخلصين، الذين يأتون لإلقاء التحية ومشاركة أهل الشهيد الذكرى، والدعاء. لا وشاح أسود اليوم، لا حزن ولا دموع. إنها الذكرى الأولى، لشموع أضيئت في سبيل الدفاع عن إيمانها بوطنها، وعربون وفاء وحب. إنه يوم الشهيد، يوم الدعاء للجنود الذين استشهدوا في سبيل الدفاع عن بلد شقيق، ماتوا خارج الوطن من أجل الوطن، رفعوا أعلامهم عالياً ولم يتراجعوا أو يترددوا أمام وحشية عدو أو هول حرب. الأطفال يكبرون، أبناء كل شهيد وإخوته الصغار يصيرون رجالاً. كل عام تعود الذكرى لتنعش الذاكرة كي لا ينسى أحد أو تصير تضحيات الجنود حكاية في كتب التاريخ، وكي لا تبقى صورهم وأسماؤهم نياشين على جدران البيوت فقط. في يوم الشهيد تتجدد حكاية الأبطال، يحكيها الكبار للصغار، يعيشون تفاصيلها كأنها ابنة اليوم، يكبر الأطفال على إيقاع الفداء ويتشربون معنى التضحية في سبيل الوطن، ومعنى الإخلاص والعطاء بكبرياء وعزة. يعرفون الفرق بين المجرم والمحارب، بين حامل السلاح دفاعاً عن قضية حامياً أرضه أو أرض جاره وأخيه، وبين حامل السلاح لهدم وطن وقتل شعبه وهدر دماء الأبرياء. يتعلمون الفرق بين الدفاع عن الحق وتحقيق العدالة والأمن، وبين زرع الفتن وإشعال فتيل الحرب وهدم السلطة لتسود الغوغائية والفوضى ويصير الوطن مجرد ذكرى وركام وأشلاء. ليس في المناسبة حزن أو ذرف دموع، فيوم الشهيد هو يوم فخر واعتزاز، فيه دروس وعِبر، وفيه استمرار لمسيرة انطلقت ورسالة يجب أن تكتمل كي لا تذهب دماء من استشهدوا هدراً. تختلط المشاعر بين احتفال بيوم الشهيد واستعدادات لليوم الوطني، وتتوحد الاحتفالات في الشوارع وعلى الشاشات وفي كل مكان، حتى البيوت تلبس حلتها الوطنية، حيث ترتفع الأعلام وتتردد عبارة الإمارات بكم تفتخر. لا يمكن لعَلَم أن يرفرف عالياً، لولا تضحيات أبنائه، ولولا سهر جنوده العسكريين والمدنيين، فهناك جنود مجهولون يقفون عند كل حدود يحفها الخطر، ومتأهبون باستمرار ويضحون في سبيل حماية المؤسسات والوطن، يسهرون على راحة الناس، في عملهم مجموعة رسائل وطنية، يستشهدون خلال أدائهم الواجب، وليس شرطاً أن يكونوا من حاملي السلاح فقط، فهؤلاء الذين يذهبون إلى أماكن الخطر والحروب لتقديم المساعدات الطبية والغذائية، والمراسلون، والأطباء، والفنيون التقنيون.. كثر يفتدون الوطن بأرواحهم وبراحتهم وينعمون بالقليل من الراحة والسكينة وسط عائلاتهم وأحبتهم. هؤلاء جميعاً هم أهل الوطن وأبناؤه، كلهم تفخر بهم الإمارات، كما يفخر كل وطن وكل شعب بأمثالهم، ويؤدون لهم ألف تحية. marlynsalloum@gmail.com