واصلت البطالة في ألمانيا تراجعها الملموس في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، في ظلّ بشائر انفراج في أسواق العمل في أوروبا والدول المتعثرة منها تحديداً، مثل اليونان وإسبانيا والبرتغال. إذ انخفض عدد العاطلين من العمل في ألمانيا 68 ألف شخص عن أيلول (سبتمبر) الماضي ليستقر على 2.54 مليون، وهو رقم سجلته ألمانيا للمرة الأخيرة في الشهر المذكور قبل 25 سنة. وفي مقارنة مع الشهر ذاته من العام الماضي، بلغ التراجع في عدد العاطلين من العمل 109 آلاف شخص. وهبط معدل البطالة في البلاد مجدداً من 5.9 إلى 5.8 في المئة. وذكر رئيس وكالة العمل الاتحادية فرانك يورغن فايزه، أن التراجع في هذه الفترة «كان أقوى في شكل واضح من السنوات الماضية، ما يؤشر إلى ثبات منتظر خلال الأشهر المقبلة خصوصاً أن فرص العمل لا تزال متوافرة في السوق وفي شكل كافٍ». وشهدت سوق العمل الموازية التي تشغّل عاملين لبضع ساعات فقط في اليوم، زيادة بمقدار 34 ألف شخص ليرتفع عدد العاملين الإجمالي فيه إلى 3.5 مليون شخص. وكانت البطالة في ألمانيا تدنّت في أيلول كما كان منتظراً في شكل ملموس، بسبب عوامل موسمية متوقعة بعد ارتفاعها في شكل طفيف في الشهر الذي سبقه لأسباب موسمية أيضاً. وأفادت وكالة العمل الاتحادية، بأن سوق العمل الألمانية «تطوّرت إيجاباً في الفترة الأخيرة على رغم ركود النمو العالمي»، مشيرة إلى أن «الطلب على اليد العاملة المؤهلة لا يزال عالياً، على رغم بقاء وتيرة ارتفاع عدد فرص العمل الثابتة على حالها في فصل الصيف الماضي، لتستعيد حركتها مع بدء الخريف، ما انعكس بوضوح على تراجع عدد العاطلين من العمل في أيلول». في المقابل انتعشت سوق العمل الجزئية والموسمية، التي تسمح بعد التعديلات القانونية الجديدة للمهاجرين واللاجئين إلى ألمانيا، بالعمل لفترات محددة. إلى ذلك أعلنت مؤسسة البريد الألمانية أنها ستؤمن خلال الفترة المقبلة فرص عمل لـ 100 ألف شخص تقريباً. ولا يزال سقف طلب الشركات الألمانية على اليد العاملة المؤهلة عالياً. وأفادت وكالة العمل بأن عروض فرص العمل في تشرين الأول الماضي، بلغ 691 ألفاً بزيادة 79 ألفاً عن الشهر ذاته من العام الماضي، ما رفع مؤشر الطلب على التوظيف لدى الوكالة إلى 223 نقطة، بارتفاع نقطتين إضافيتين للشهر المذكور و21 نقطة عن الفترة ذاتها من عام 2015. وكشفت دراسات اقتصادية أن الأجور «ارتفعت بعد الزيادات التي حصلت خلال هذه السنة بمعدل 2.3 في المئة، ما يسمح للمواطنين بمواصلة وتيرة الاستهلاك العالية التي تشكل منذ سنوات الركن الأساس للنمو. ورأت وكالة العمل أن الهجرة إلى ألمانيا من دول أوروبية وتحديداً من إيطاليا وإسبانيا والبرتغال واليونان وإرلندا، أو من اللاجئين من أقطار العالم أيضاً «رفعت العرض في سوق العمل الألمانية في شكل كبير، ما أمّن مزيداً من فرص العمل من جهة، ورفع نسب البطالة في بعض القطاعات من جهة أخرى. وزاد في الوقت ذاته نسبة متلقي علاوات البطالة وتسهيلات الضمان الصحي والاجتماعي. وبغض النظر عن كل ذلك، أشارت وزارة الاقتصاد والطاقة أخيراً الى أن الحكومة الألمانية «تنتظر ارتفاع عدد العاملين المسجلين في الصناديق الاجتماعية إلى 44.3 مليون شخص عام 2018، بزيادة 1.3 مليون موظف وعامل عن الرقم الذي سُجّل نهاية عام 2015. كما تتوقع الوزارة «استمرار البطالة مستقرة خلال العام المقبل على ما هي عليه اليوم تقريباً، أي في حدود 2.630 مليون شخص.