يشهد يوم الـ29 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 انطلاق فعاليات المؤتمر السابع لحركة فتح وسط غياب واضح لعدد كبير من الشخصيات النضالية المهمة كما يظهر من . هذا الغياب جزء منه نتيجة عقد المؤتمر داخل فلسطين من ناحية، وجزء آخر نتيجة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقيادي المفصول من فتح محمد دحلان. وقد استثنى المؤتمر كل من له علاقة بالقيادي المفصول محمد دحلان، إضافة إلى الأسرى المحرَّرين والمناضلين القدماء سواء في قطاع غزة أو الخارج؛ خوفاً من اعتقالهم من قِبل إسرائيل. اغتيال عرفات ويُعقد المؤتمر على وقع الخلافات التي تشهدها الحركة والتي وصلت لذروتها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس الخميس 10 نوفمبر 2016، أنه "يعلم من قتَل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات"، لكنه دعا إلى انتظار لجنة التحقيق المكلفة هذه القضية للكشف عن المتورطين. واعتبر البعض أن عباس إلى خصمه السياسي الرئيسي محمد دحلان عضو حركة فتح المفصول، خصوصاً أن دحلان سارع إلى الرد على أبو مازن بقوله إنه ليس الشخص المؤهل لتوزيع الاتهامات، متهماً إياه بأنه الوحيد المستفيد من تغييب عرفات. ومن المنتظر أن تكون قضية اغتيال عرفات ضمن أجندة المؤتمر بكل المعطيات المتوافرة بشأن هذه الجريمة، حسبما نائب أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" اللواء جبريل الرجوب. رأفت وشاح، القيادي في حركة فتح وأحد المشاركين في المؤتمر من قطاع غزة، قال لـ"هافينغتون بوست عربي" إنهم يُنتظر من المؤتمر إفراز قيادة جديدة، "وعلينا أن نكون موحَّدين بين القيادة في غزة والضفة والخارج، ونحن أملنا، كأبناء فتح في قطاع غزة، أن نحصل على عدد كبير من أعضاء اللجنة المركزية الجديدة المنتظر تشكيلها". واعتبر وشاح أن المشكلة الكبيرة التي تواجه الحركة هي الانقسام في القيادة بين الضفة وغزة. وأضاف: "نحن جئنا موحَّدين من غزة لانتخاب قيادة جديدة، ومعظم المشاركين من غزة هم من جيل الشباب". وحول مشاركة وفود خارجية في المؤتمر، قال وشاح: "هذا مؤتمر خاص بحركة فتح، وسيكون هناك ضيوف من خارج الحركة دون دور لهم؛ بل كمراقبين في المؤتمر". دحلان قائداً الكاتب حسام الدجني كان له وجهة نظر مختلفة، حيث يرى أن أمام فتح 3 متغيرات أساسية لتضمن نجاح مؤتمرها؛ أهمها تخلي عن محمد دحلان -يقصد مصر والأردن والسعودية والإمارات- أو ذهاب الرئيس محمود عباس لمصالحة حقيقية مع حماس وتشكيل حكومة وحدة وطنية لتصفير المشاكل، ولضمان تهميش دور دحلان القادم، أو خروج المؤتمر ببرنامج سياسي يتبنى خيار الكفاح المسلح، وإفراز قيادات قادرة على إعادة الاعتبار للمؤسسة على حساب الفرد داخل حركة فتح". ويرى الدجني، في تصريح لـ"هافينغتون بوست عربي"، أن الفصائل الفلسطينية، خصوصاً حماس، لن تتعامل مع الإطار الجديد المنتخب لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، أعلى سلطة سياسية فلسطينية. وتوقع أن يدعو دحلان، كقائد جديد لفتح، كل الفصائل الفلسطينية لعقد إطار قيادي مؤقت لمنظمة التحرير بمشاركة الفصائل كتطبيق فعلي لمؤتمرات العين السخنة (مؤتمر عُقد في مصر برعاية المخابرات المصرية وأثار استياء أبو مازن) وبمباركة عربية. وأضاف: "أعتقد أن عباس قد تخلى عن حماس بما فيه الكفاية وأغلق كل أبواب المصالحة معها، وهذه فرصة لدحلان الذي ستدعمه مصر سياسياً والإمارات مالياً". وسيشارك في المؤتمر نحو من قيادات فتح وكوادرها، وجاء تحديد موعده في 29 نوفمبر 2016 بعد تأجيل استمر عامين كاملين بسبب الخلافات الداخلية في الحركة. وينص للحركة في مادته الـ 43 على أن "ينعقد المؤتمر في دورة انعقاد عادية مرة كل 5 سنوات بدعوة من اللجنة المركزية، ويجوز تأجيل انعقاده لظروف قاهرة بقرار من المجلس الثوري". أمين مقبول، أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح، بعد عدة محاولات لإقناعه بالحديث عن المؤتمر حيث كان قد أبدى رفضه الحديث للإعلام هذه الفترة، كشف لـ"هافينغتون بوست عربي" أن المدعوين للمؤتمر هم أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري، وأعضاء المجلس الاستشاري، إضافة لممثلي الأقاليم المنتخبين حديثاً عن حركة فتح، وأعضاء الحركة العسكريين بما لا تزيد نسبتهم على 20% من أعضاء المؤتمر، إضافة لممثلي الحركة في المنظمات والهيئات الشعبية، والعاملين في الدوائر الرسمية لدولة فلسطين ومنظمة التحرير كالسفراء، وعدد من معتمدي الحركة لدى الدول، إضافة إلى النخب الحركية بنسبة 10% من عدد المؤتمر". وأكد مقبول أن "أهم التغيرات التي ستشهدها حركة فتح بعد المؤتمر هي تعديل شروط اختيار أعضاء المجلس الثوري في حال وفاة عضو أو شغور منصب، بالإضافة لانتخاب كافة الهيئات القيادية للحركة". "حرمان" أما أشرف جمعة، القيادي المقرب من محمد دحلان، والذي لم يتم دعوته للمؤتمر لرغم أنه نائب في المجلس التشريعي عن حركة فتح بمدينة رفح، فقد وصف في تصريح لـ"هافينغتون بوست عربي" حرمان عدد كبير من قيادات فتح من المشاركة في المؤتمر بأنه "عمل إقصائي وديكتاتوري وتفرّد بالقرار السياسي من قِبل مجموعة صغيرة، وسيشكّل انعقاد المؤتمر خطوة إضافية تجاه تفسّخ حركة فتح داخلياً"، حسب قوله. الجدير بالذكر أن هذا المؤتمر هو الأقل عدداً في مؤتمرات فتح الستة السابقة، حيث تم دعوة لحضور آخر مؤتمر وهو المؤتمر السادس الذي عُقد في مدينة بيت لحم في أغسطس/آب عام 2009. هاني البسوس، المتخصص بالعلاقات الدولية والشأن الفلسطيني، رأى أن "كافة الأسماء المدعوة ستصب في التوجه الذي يرغب فيه الرئيس عباس خلال المؤتمر، متوقعاً أن تذهب حركة فتح نحو الانشطار الكامل في بنيتها التنظيمية بعد المؤتمر"، حسب تعبيره. وقال البسوس أيضا لـ"هافينغتون بوست عربي"، إن الفصائل الفلسطينية سترفض التعامل مع القيادة الجديدة المنتخبة للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، "وقد تشهد الأيام القادمة عقد مؤتمر موازٍ بقيادة دحلان وبمباركة بعض الفصائل على رأسها حماس، وستشهد المرحلة القادمة صراعاً أكثر حدة بين الأطراف الفلسطينية من ناحية وقيادة فتح الجديدة بمباركة عباس من ناحية ثانية"". من جانبه، رد القيادي في حركة فتح رأفت وشاح على إمكانية إقامة مؤتمر موازٍ من قِبل دحلان للمؤتمر السابع في غزة أو خارجها قائلاً إن "دحلان أصبح خارج فتح، لدينا نظام داخلي وشرعية متمثلة باللجنة المركزية والقضائية، وأي مؤتمر شبيه بهذا المؤتمر لا يمثل حركة فتح المعترف بها من المجتمع الدولي والعربي". وقال: "إنه رغم وجود عناصر دحلان في الضفة وغزة، فإننا سنرفض رسمياً أي قرارات صادرة عن جماعة دحلان، ولو فرض أنه عقد مؤتمراً في غزة باعتبارها المنطقة التي يتواجد بها عناصر دحلان بشكل أكثر كثافة فسيكون مؤتمراً ضعيفاً؛ لأنه لا يمثل غالبية فتح"، حسب قوله. وأمام متغيرات إقليمية مختلفة، يترقب جميع الأطراف نتائج المؤتمر باهتمام شديد ، فهل يطلق المؤتمر رصاصة الرحمة على السلطة الفلسطينية ومن خلفها حركة فتح أم يخرج بمبادرات جديدة، أهمها توحيد الحركة ومنعها من الانشقاق؟