النسخة: تنشر الصحف أحياناً ويتداول الناس في ما بينهم وثائق تتصل بحياة الناس الشخصية، ومن أشهرها ما يحدث من نقل محاضر تحقيقات أجريت معهم، تمس خصوصيتهم بشكل مباشر وتنطوي على شكل من أشكال التشهير بهم، وهو ما تجرّمه الأنظمة وتعاقب عليه. فمن جانب الصحف يعد ذلك مخالفة صريحة لنظام المطبوعات والنشر الذي نصّ في الفقرة السابعة منه، المتعلقة بمراعاة ما يجاز من المطبوعات ضمن المادة التاسعة من النظام «ألا تفشي وقائع التحقيق أو المحاكمات إلا بعد الحصول على إذن من الجهة المختصة»، وكذا ما أشارت إليه الفقرة الرابعة من المادة ذاتها «ألا تؤدي إلى المساس بكرامة الأشخاص وحرياتهم، أو إلى ابتزازهم أو الإضرار بسمعتهم أو أسمائهم التجارية». ومن جانب تداول الناس مثل ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو الوسائل الإلكترونية بشكل عام، فهو يعد مجرماً استناداً إلى ما جاء في الفقرة الخامسة من المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، التي تنصّ على أنه «يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل شخص يرتكب أياً من الجرائم المعلوماتية الآتية... 5- التشهير بالآخرين، وإلحاق الضرر بهم، عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة». والواجب على المكلّف عدم السعي إلى بث الأخبار التي تنطوي على مساس بالخصوصية وتسيء إلى الأفراد أو الجهات، والابتعاد عن ذلك ما أمكن اقتداءً بحديث نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم «كفى بالمرء إثماً أن يحدّث بكل ما سمع»، ويتأكد ذلك في القضايا المرتبطة بالأحوال الشخصية التي تمسّ الأسرة، لاسيما مع حرص الدولة وتأكيدها في النظام الأساسي للحكم على توثيق أواصر الأسرة، والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية، ورعاية جميع أفرادها. من جهة أخرى، ليس كل ما ينشر هو بالضرورة صحيح ويستند إلى الواقع، وعليه فكل ما يرد الإنسان من حوادث وأخبار قد لا يكون صحيحاً ودقيقاً، والفطن يعلم أنه ليس كل ما يُسمع يقال وينشر، فمن جانب قد لا تكون هناك مصلحة من نشره وإشاعته بين الناس، ومن جانب قد يكون الخبر مكذوباً ولا أساس له من الصحة، وقد يكون صحيحاً ولكن نشره ينطوي على تشهير بالناس وإساءة إلى سمعتهم ونشر لخصوصيتهم على الملأ، مع الأخذ في الاعتبار أن التشهير عقوبة لا ينبغي إيقاعها على الناس إلا بموجب حكم قضائي. * محامٍ ومستشار قانوني a.sgaih@sgaihlawyers.com