كان الأمر طبيعياً جداً وأنت تشاهد رد الفعل الإيجابي لقرار الحكومة خصخصة الأندية الرياضية، حتى وإن كان الكثيرون لا يعرفون معنى «الخصخصة «، سوى أنّ هناك من سيشتري النادي الرياضي فقط ..!! التناول الإعلامي بعد القرار تلفزيونياً وصحفياً وإلكترونياً أصابني بخيبة كبيرة جداً، حيث غاب المتخصصون عن التعليق وحضر «النص إعلاميين» للتحدث عن أحد أهم منعطفات تاريخ الرياضة السعودية، فكان الاتجاه يسير فقط لمعرفة من سيشتري هذا النادي أو ذاك ؟؟ لم يناقش أحد منهم كيف ستكون عقود النقل التلفزيوني بعد الخصخصة والموقعة لمدة عشر سنوات للدوري، وهي التي تعتبر أكبر مصدر للدخل المالي ؟؟ كيف ستبيع نادياً لا يستطيع من يشتريه أن يسوِّقه «تلفزيونياً» لعشر سنوات قادمة؟؟ كيف ستبيع نادياً لا يستطيع أن يلعب مبارياته داخل منشأته؟؟ كيف ستبيع أندية دون وجود أي مناخ للاستثمار الآمن والخبرات بهذا المجال؟ هل كان توقيت الخصخصة في ظل الأزمة الاقتصادية إيجابياً أم لا؟ هل نملك الكوادر المدربة على خلق النقلة القادمة ؟ كيف ستكون درجات التقاضي بين عناصر المنظومة الرياضية بعد التخصيص؟ ما هي سلطة هيئة الرياضة؟ الأخطر : هل سيستمر حال الإعلام بهذا الشكل ؟؟ هل سيتم السكوت على «نص إعلامي» وأمثاله يشتم ويسيء ويشكك ويثير الشائعات حول هذا النادي المخصص؟؟ كيف سيتم التعامل معهم؟ أليس كيانات تجارية تقوم على السمعة الجيدة والنتائج ؟ قبل التخصيص علينا أن نجهز المجتمع المساند تجهيزاً حقيقياً، وأن تسود ثقافة المرحلة القادمة، فتجربتنا مع تطبيق الاحتراف الكروي أعطتنا درساً بليغاً، بأنّ البداية «العرجاء» تنتج نهاية مشلولة، ولذلك لن أستغرب أن تكون عناوين «الإفلاس» مصاحبة للمرحلة القادمة، إذا لم يتم الاهتمام القوي بالتثقيف والقوة النظامية وتجهيز البنية التحتية للخصخصة، فسيكون الأمر مضحكاً أن تجد - مثلاً - نادياً لازالت مدرجاته اسمنتية أو يضطر للتدريب خارج ملعبه، لأنّ هيئة الرياضة قررت أن تكون أرضية الأندية الجديدة من العشب الصناعي فيما يلعبون الدوري بالعشب الطبيعي ؟؟ لست متشائماً لكني لا أريد أن تسابق أحلامنا الواقع، ومن الجميل أن ننطلق بهدوء وحذر شديد جداً، مع الثناء الكبير للأمير عبد الله بن مساعد وفريقه لتجسيد تلك الخطوة التاريخية التي يجب أن نكون - جميعاً - مساندين لها وداعمين، لأنها - إذا ما طُبقت بالشكل المثالي - ستنقلنا لعالم رياضي أكثر احترافية وإنجازاً .. ما يقلقني فقط هو أن نربط واقعنا بواقع أوربا وأنديتها، وكأنّ المجتمع واحد أو المناخ التجاري والحكومي واحد، ولذلك نحن أمام خيارين : - خصخصة بأسلوب سعودي . - البقاء تحت ظل الحكومة كما نحن . لنتذكر أنّ الخصخصة ليست في الأوراق والمباني بل في العقول والمجتمعات لأنها نبض النجاح . قبل الطبع : أن تكون حكيماً في الوقت المناسب فذلك تسعة أعشار الحكمة. «ثيودور روزفلت»»