النسخة: للتاريخ عبق خاص في جدة، تلمحه في وجوه العابرين، وتراه في الـ«مشربيات»، تقرأه في شواطئ البحر الأحمر، وتسمع صوته مع نسيم الليل وهو يلفح «الكورنيش» بنسائمه الباردة. «العروس» تمتلئ أركانها بـ«الماركات» من كل أصقاع الأرض لكن يبقى لدكاكينها القديمة رونق خاص، ولرمزية «الفول» و«المنتو واليغمش» خصوصية تجعل الطوابير تقف على أبواب محالها قبل أن تشرق الشمس لا لشيء سوى لأن رائحته تنطق بـ«رمزية التاريخ». ربما يعاني «عميد جدة» ظروفاً مالية، وربما تنهكه الخلافات الشرفية وربما هناك وهناك وهناك... لكني أرى أن الأزمة الأكبر في الاتحاد هي غياب رموزه، راجعوا معي المشهد الاتحادي فليس هناك رمز شرفي ولا إداري ولا ميداني، ولم يبقَ سوى صالح القرني «الأقدم» يصدح بصوته «الإتي نمبر ون»، بينما النادي يقبع في المركز السادس، و«المستقبل» الذي يبحث عنه «الاتحاديون» يسير إلى الخلف يوماً تلو الآخر. في شرفية الاتحاد اختفى الأمير طلال بن منصور، ذلك الذي كان يطل بهدوء بعيداً عن أي صخب فيجمع الأركان من دون أن تكون له يد طولى في سير الأحداث، ذهب الداعم وغاب الفاعل، ولم يعد في المسرح الشرفي سوى أسماء لا تشاهدها إلا في الجمعيات العمومية تصدح من غير أن تدفع. في رئاسة النادي، غاب رؤساء كان لهم حضورهم فلم يعودوا قريبين من إدارة النادي ولم نعد نشاهدهم في التدريبات، غاب منصور البلوي الذي يعد واحداً من أفضل من تعاملوا مع أوراق الرئاسة بدءاً من «الجوكر» وانتهاءً بـ«الإكة». في الفريق، غاب «نور» ورفاقه المبعدون فلم يكن تأثيرهم فنياً لأن «الشبان» خطفوا البطولة وقالوا نحن الأفضل في «المستطيل الأخضر»، لكن الاتحاد خسر «الرموز»، الذين كان من الممكن أن يسيروا على أقدامهم من «بوابة التاريخ» ويغادروا حاملين على أكتافهم نوط «العميد». اختفت «الرموز» في الاتحاد في كل الاتجاهات فأصبح النادي كمدينة جدة من دون فوال «البازان» وفرن الشيخ، أضحى «العميد» كسور جدة الذي تكسرت أطرافه، أضحى «العميد» مثل جدة من غير باب حارة الشام.. أضحى «العميد» كحارة «المظلوم». aljabarty@yahoo.com