تحقيق:أحمد راغب تعتبر القراءة نافذة مشرقة على العالم، تجذب النور لتنير العقول، فهي أهم ما يجعل الفرد واعياً مثقفاً يتميز عن غيره، نظراً للكم المعرفي الهائل الذي تضيفه إليه، والقراءة حث عليها القرآن الكريم، حيث كانت اقرأ أول كلمة نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في دلالة واضحة على أهمية القراءة للفرد والمجتمع، فكلما قرأ الفرد أكثر زادت معارفه وتوسعت مداركه، إلا أنها تكاد تندثر في ظل منافسة الأجهزة الإلكترونية لها، فبدلاً من فتح الكتاب، أصبح معظم الطلبة يتصفحون مواقع إلكترونية ويحمّلون تطبيقات ذكية. التشجيع على القراءة أصبح مهمة تتطلب مزيداً من الجهد، خصوصاً أن الكتب المكدسة على الرفوف أصبحت مغطاة بالغبار، ونفضه يحتاج إلى جهود كبيرة وتشجيع من المدرسة والأهل، حيث يلعب كلاهما الدور الأمثل، لأن الأسرة هي البيئة التي ينشأ فيها الفرد، والمدرسة مكمل لذلك، فتضافر الجهود معاً يعيد الروح إلى الكتب ويشجع الأبناء على القراءة، ومن هنا أصبحت المدارس تشجع طلابها على القراءة أكثر، من خلال وضع الكتب الخارجية التي لا تدخل في المناهج التي يدرسونها، بهدف الإثراء المعرفي أو ما يعرف بالقراءة الإثرائية. تقول هبة محمد عبد الرحمن من وزارة التربية والتعليم: نحن نريد أن نعلم الطلاب المهارات الأساسية، لتكون بمثابة الوسيلة التي تدفعهم لاستشراف المستقبل من حولهم برؤیة جدیدة خاصة بهم، ونریدهم أن یتعلموا القراءة الإثرائية ليتعرفوا من خلالها إلى المجهول، وربطه بخبراتهم لاستنتاج الحقائق، ونریدهم أن یتعلموا الكتابة ليعبروا بها عن أفكارهم التي تبدأ صغيرة في عقولهم، ثم تتطور وتكبر مع تطورهم ونمو قدراتهم، ليساهموا من خلالها في بناء مستقبل وطنهم بإذن الله. وأضافت: من أهم الأشياء التي تساعدهم على بناء مستقبلهم تحفيز خيالهم على الإبداع والابتكار، إضافة إلى تنمية المهارات والقدرات الخاصة بهم، واكتشاف أشياء في أذهانهم هم ليسوا على وعي بها واكتشاف لها من قبل، وفي ظل ذلك لابد أن يوجه الطلاب على اختلاف أعمارهم وأولياء الأمور الذين يعلمون استراتيجيات البحث عن المعلومات والربط بينها، إضافة لاستراتيجيات التفكير الناقد في المراحل العمرية الأولى، وتحويل ما يحصلون عليه من معلومات إلى أفكار علمية محسوسة. وشددت على فتح الباب أو الطریق للطلبة لتحريك قدراتهم الكامنة، في اكتشاف العالم من حولهم بعمق، ثم مشاركة الآخرين فيما توصلوا إليه، وهذا يأتي من خلال القراءة بشكل أكبر، ومن خلال التكرار والممارسة وهذا ما يؤدي إلى إثراء الفكر. إضافة نوعية من جانبها أكدت بدرية المعيني، نائبة رئيس مجلس أولياء أمور الطلبة والطالبات في الشارقة، أهمية القراءة الإثرائية التي يمارسها الطلبة في المدارس، وتخصيص كتب معينة يقرؤها الطلبة غير الكتب التي تدخل في المناهج الدراسية، وهي خطوة بناءة وإيجابية لتوسيع مداركهم وإدراك العالم من حولهم، دون أن يبقوا ملتزمين بكتب معينة تتم قراءتها من أجل الامتحان فقط. وأشارت إلى أن القراءة الإثرائية وقراءة الكتب من خارج المنهاج المقرر تعتبر إضافة نوعية وزيادة تثقيف وتوعية للطلبة في أمور بعيدة عن اهتمامهم في الحياة، وحتى أولياء الأمور لا يعرفونها، فهي تحتوي على معلومات قيمة يجب على الطالب وولي الأمر أن يفهماها في ظل تقلبات الحياة، ومنها ما ينقذ عقول الطلبة من المخاطر المحيطة في ظل الغزو الإلكتروني، لذلك تعتبر غاية في الأهمية وإفادتها كبيرة. وشددت المعيني على دور المعلم في تشجيع الطلاب على قراءة هذه الكتب، فعندما يقرأ المعلم فقرة ما من أحد الكتب ويناقشها مع الطلاب بأسلوب تشويقي، يشجعهم على القراءة أكثر، وهذا يعتمد على المعلم والدور الذي يقوم به من خلال تشجيع الطلبة على القراءة. وأكدت أن الأهل يلعبون دوراً بارزاً في تشجيع الطلبة على القراءة، فهم القدوة لأبنائهم والمبادرة بالقراءة تشجعهم عليها وعلى حب الاستطلاع، ومن خلال تحبيبهم في ما تحتويه هذه الكتب. إثراء العقل من جانبها أكدت نجلاء عبد الله ديماس مديرة مدرسة، أن القراءة الإثرائية لا بد أن تحقق فائدة للطلاب، ومن هنا يأتي دور المدرسة للتأكد من أن الطالب قد استفاد، فالقراءة من دون الاستفادة من محتوى الكتب، لا تزيد الكم المعرفي للطالب، وتصبح في طي النسيان فور الانتهاء من قراءة الكتاب الذي بين يديه. وأشارت إلى أن القراءة ضرورية ويجب الاعتياد عليها منذ الصغر، لتوسيع مدارك الطفل وتنمية التفكير والنظرة البعيدة في الحياة، لما لها من أهمية كبيرة في يكون ملماً في جميع المجالات، فهي تعمل على إثراء العقل، والطالب يجب أن يقرأ بحب وبرغبة ودافع شديد، ويأتي ذلك من خلال التشجيع الذي تقوم به المدرسة والأسرة، فعمل المسابقات في المدرسة ومدح الطالب الذي يقرأ أمام زملائه وتكريمه سيولد دافعاً من المنافسة الإيجابية بين الطلبة للقراءة أكثر، إضافة إلى مناقشة الطالب بملخص الكتاب الذي قرأه للتأكد من أنه استفاد. وأشارت إلى أن للأهل دوراً مهماً من خلال تشجيع الأبناء على القراءة باقتناء مكتبة في البيت والقراءة أمامهم، وتحفيزهم من خلال الهدايا التي يقدمونها لهم بعد نهاية قراءة كل كتاب. إنقاذ الكتب أكد مهند أبو الهدى مدير مدرسة الدوحة أن الحاجة ماسة إلى القراءة، لتشجيع الطلاب على ممارستها، في ظل هجر الكتب، والسبب واضح حيث لم تدع الأجهزة الإلكترونية حيزاً للكتب أو الاهتمام بها، وقلة القراءة باتت ظاهرة بسبب هذه الأجهزة اللوحية والإلكترونية، وبات الطلاب يبتعدون أكثر عن الكتب وحتى عن المناهج التي يدرسونها في المدارس. وأشار أبو الهدى إلى ضرورة التشجيع على القراءة لإنقاذ الأبناء والكتب على حد سواء، وهذا يأتي من خلال عمل المسابقات، وزيادتها، ومن خلال الزيارات الدورية للمكتبات ومعارض الكتب للتشجيع على القراءة أكثر، كما أنها تساهم في إعادة تنشيط القراءة، وهذا يعتمد على الدور الكبير الذي تقوم به المدرسة ودور المعلم في تشجيع طلابه على الإقبال بشكل أكبر على الكتب، أو القصص القصيرة التي تناسب أعمارهم للتشجيع بشكل تدريجي، دون إغفال دور ولي الأمر الذي يعتبر سبباً أيضاً في بعد الأبناء عن الكتاب، فإذا قرأ ولي الأمر أمام ابنه فإنه يشجعه على القراءة. تعميق الفهم من جانبه أكد طارق شيخ إسماعيل مدير مدرسة منارة الشارقة الخاصة أن من يقرأ كتاباً يضف إلى علمه علماً، والقراءة الإثرائية تثري العقول، وتثري المعلومات لدى الطالب وتزيد من معرفته وما يمتلك من معلومات في مختلف المجالات. فيما أوضح أولياء أمور أن القراءة الإثرائية تساعد كثيراً على تعميق الفهم لدى الطلبة، وتزودهم بالمعلومات التي يستفيدون منها بشكل كبير وتشكل لديهم كماً معرفياً كبيراً، وهو الأهم بالنسبة لهم، فبناء الطلبة على حب القراءة وحب الكتب يعتبر العامل الأساسي في تشكيل شخصياتهم، ليكونوا قادرين على تحقيق طموحاتهم وتكوين جيل مبدع قادر على الإبداع والابتكار، فحب الاطلاع يساعد على توليد الأفكار الجديدة التي تساعدهم، مشيرين إلى أن الكتب التي يتم توزيعها عليهم لقراءتها تشكل كماً معرفياً لأولياء الأمور أنفسهم، وتضيف إليهم معلومات جديدة لأنهم يقرؤونها برفقة أبنائهم ويطلعون على ما تحتويه.