أشار مركز «الشال» للاستشارات الاقتصادية، إلى أن «أوبك» تجتمع خلال الأسبوع الجاري، وبدعم من روسيا من أجل الاتفاق على وقف حرب الإنتاج، متوقعاً في حالة الاتفاق أن ترتفع أسعار النفط بحدود 20 في المئة عن مستوى بداية الأسبوع الفائت، أو نحو 46 دولاراً لبرميل خام برنت. ولفت «الشال» في تقريره الأسبوعي، إلى أن الأسعار بدأت في الارتفاع في الأسبوع الفائت، بدعم من نوايا اتفاق، إذ بدأت بوادر الاتفاق بإعلان روسيا الموافقة على تجميد إنتاجها، والعراق بشر بأن لديه 3 أفكار إيجابية سيقدمها للاجتماع، في حين أن إيران بعد زيادة إنتاجها بشكل كبير كان لها الموقف نفسه، وكذلك أيضاً موقف الجبهة التي ترأسها السعودية. ورأى أن الاتفاق داخل «أوبك» إن تحقق وصمد بعد ذلك، سيعني زيادة في الإيرادات النفطية للدول المصدرة تفوق الـ 20 في المئة، لأن الزيادة صافية أو إيراد صافٍ وتحسب على مستوى الأسعار بعد اقتطاع تكلفة الإنتاج، ولأن استقرار الأسعار عند مستوى 55 دولاراً مثلاً لخام برنت لفترة معقولة، سيعني ردماً متدرجاً للفجوة بين سعر خام برنت وخامات الدول المصدرة. وبين التقرير أن الخلاصة هي، أن الاتفاق سيعني تحقيق مستوى من ردم للفجوة المالية لكل دولة منتجة، بحدود ما يمكن أن تحققه كل منها لردم تلك الفجوة بسياسات إصلاح مالي لسنتين أو ثلاث، كما أنه يشتري بعض الوقت لالتقاط الأنفاس. واعتبر أن النتائج غير المباشرة لمثل هذا الاتفاق قد تكون أفضل، صحيح أنها أتت بعد قناعة متأخرة وعالية التكلفة بأن تداعيات حرب الإنتاج ستكون وخيمة على الكل، إلا أنها قد تعني بداية حوار عقلاني لكل ما عداها. وأشار التقرير إلى أنه بسبب الحروب المباشرة وحروب الوكالة، وأطرافها منتجو النفط في الإقليم وروسيا، أصبح تمويل تلك المواجهات يقتطع كثيراً من تلك الإيرادات الشحيحة، إذ اضطرت دول مجلس التعاون الخليجي مثلاً إلى إصدار سندات وصكوك دين لهذا العام بنحو 70 مليار دولار، وأكثر منها تم سحبها من احتياطياتها، منوهاً بأن اتفاق سوق النفط قد يسهل فتح الملفات الساخنة والمهلكة لمفاوضات تسويات سلمية. ولفت إلى أن أحد المؤشرات مصالحات لبنان، وهو نموذج لاحتمال امتداده إلى سورية واليمن والعراق، وإن تحققت بوادر لذلك، ستعني وفراً مالياً كبيراً يوجه إلى تمويل جهود الإصلاح المالي والاقتصادي، مؤكداً أنه من يرغب في المقارنة في حالة عدم الاتفاق، عليه أن يتخيل لو أن الحرب العراقية - الإيرانية في ثمانينات القرن الفائت توقفت في سنواتها الأولى، ولم تمتد لثماني سنوات مهلكة، وانتهت بغزو الكويت. ونوه بأنه صحيح أن ذلك هو سيناريو متفائل وقد لا يتحقق، وأن تاريخ «أوبك» غير مشجع تماماً، ولكنه يظل في حدود الممكن، إذ إن السيناريوهات الأخرى ستقود إلى تداعيات غير محتملة، لكل الإقليم، ولكل دولة فيه. وذكر أن كل دولة في الإقليم، ومن دون استثناء، باتت مهددة بربيع شبيه بربيع أوروبا الشرقية في ثمانينات القرن الفائت أو الربيع العربي، مبيناً أن الفارق بين حدوثه في دولة وأخرى هو الوقت فقط، وحدوثه في الجوار يعني امتداده إلى داخل كل دولة فيه. وأكد أنه يجب أن يعي الجميع، أن ضعف سوق النفط حالة طويلة الأمد، وأن أفضل التوقعات تقدر بأن سعر برميله قد يصل إلى 60 دولارا بعد خمس سنوات وتتآكل بفعل التضخم، بينما تحتاج زيادة السكان وزيادة الطلب على فرص العمل في دول قاعدتها الشبابية ضعف أعداد تلك القاعدة في الدول المتقدمة، إلى وضع مالي واقتصادي وحتى سياسي مستقر، مشدداً على أنه لا بد من غلبة للعقل على العاطفة. صندوق النقد أفاد «الشال» أنه في منتصف الشهر الجاري، نشر فريق بعثة صندوق النقد الدولي تقريره حول الوضع المالي والاقتصادي للكويت، وهو في الغالب تقرير مليء بالمعلومات والقدرة المهنية على التحليل، مبيناً أنه على القارئ، وخصوصاً الجانب الرسمي، أن يعرف ما هو غث في التقرير. وأضاف أن مثال لما هو غث، إهمال الصندوق للتمييز ما بين ما هو دخل مستدام ومتجدد لتمويل المالية العامة، أي ناتج عن نشاط اقتصادي، وما هو ناتج عن استهلاك أصل نافذ وينفق ليس فقط على ما لا يبني قواعد لخلق نشاط متجدد، وإنما ينفق بما يقوض تنافسية الاقتصاد، ويهبط كثيراً بفرص نموه في المستقبل. وذكر أنه على الكويت أن تتعايش مع معدل لأسعار النفط في عام 2016، بحدود 44 دولاراً للبرميل، أي بانخفاض عن معدل أسعار عام 2013 بنحو 58 في المئة، مبيناً أن حصيلة إيراداتها النفطية للعام الحالي ستبلغ 45 مليار دولار، أو بهبوط بنحو 58.5 في المئة، عن مستوى إيراداتها في عام 2013. وأفاد أن الواقع حتى الآن أن معدل سعر برميل النفط الكويتي للأشهر العشرة الأولى من العام الحالي هو بحدود 37.4 دولار للبرميل، أي أدنى بكثير من توقعات الصندوق. وتابع أنه لو كان هبوط أسعار النفط ظاهرة قصيرة الأمد، لأمكن التغاضي عنها، ولكن الصندوق لا يتوقع لأسعار النفط أن تبلغ 60 دولارا حتى عام 2021، أي أن شحة الإيرادات النفطية ستستمر لحقبة طويلة مقبلة. ورأى التقرير أن ذلك الوضع المالي غير المريح، ينعكس سلباً على الوضع الاقتصادي، فبعثة الصندوق لا تتوقع نمواً حقيقياً للاقتصاد، يعوض ضعف نمو قطاع النفط، أي أنه رغم الإشادة الخجولة من قبلها بنوايا الإصلاح، لا تعكس توقعاتها انعكاسها الإيجابي بما يكفي على نمو القطاعات غير النفطية، فهي تتوقع نمواً ضعيفاً وبمعـدل 2 في المئة للقطـاع النفطي للسنوات الخمس (2017-2021)، بينما يراوح نمو القطاعات غير النفطية ما بين 3.5 و4 في المئة، ليبلغ النمو الحقيقي المتوقع للناتج المحلي الإجمالي دون 3 في المئة لكل الفترة، وهي لا تكفي لسد عجز القطاع العام عن توفير ما يكفي من فرص عمل. ولفت إلى أن تسوق هذا الكلام يأتي والكويت على مشارف تشكيل حكومة جديدة، إذ إن التحدي الحقيقي أمامها اقتصادي، والفشل في مواجهته لا يعني فقط تدني في مستويات المعيشة، وإنما يعني تهديدا حقيقيا للاستقرار، عند بدء تحول البطالة المقنعة إلى بطالة سافرة حقيقية. ونوه بأنه بعد تداعيات خطايا السياسة الاقتصادية والمالية في حقبة رواج سوق النفط وما بعدها، أصبحت فرص الإصلاح أكبر كلفة وأقل حظوظاً في النجاح، ولكن فرصة النجاح مازالت ممكنة، وإهدار فرصة جديدة لتشكيل فريق حكومي نظيف وقادر وواع بتلك التحديات، قد يعني ضياع أخير لفرص النجاح. مكافحة الفساد وأشار «الشال» إلى أن الأسبوع الماضي، شهد نشر المرسوم رقم 300 لسنة 2016، بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 2 لسنة 2016 في شأن إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد، وإلى أنه بصدوره يكون قد مر على تأسيس الهيئة شاملاً فترة ما قبل إبطالها دستورياً ثم إعادة تأسيسها، نحو 4 سنوات. ولفت إلى أنه ما بين 19 نوفمبر 2012 تاريخ تأسيسها الأول، وصدور مرسوم لائحتها التنفيذية بتاريخ 13 نوفمبر الجاري، استشرى الفساد، وتحولت معظم مؤسسات الدولة إلى نموذج فساد بلدية الكويت، حتى إن الديوان الأميري بات يعمل خارج نطاق مهامه، ويتولى التخطيط والبناء لمشروعات إنشائية. ورأى أنه من قراءة اللائحة التنفيذية، يبدو أنه سينتظر طويلاً حتى مباشرة الهيئة لمهامها، وإعطاء دليل قاطع على أنها مختلفة عن نحو 35 هيئة ومؤسسة ومجلس رديف لوزارات الدولة المكتظة، تم تأسيسها مراكز توظيف لشراء الولاءات من دون نفع أو جدوى لوجودهم، وباتوا يمثلون عبئاً ضخماً على المالية الضعيفة. وأوضح أن المادة (3) مثلاً، تخول مجلس أمناء الهيئة وضع السياسة العامة والأطر العامة لمكافحة الفساد، وفقاً للاختصاصات الواردة في المادة (10)، والأخيرة تحتوي على 8 بنود كلها تنظيمية وتتعلق بالأفراد والمجتمع، وكأنها ستبدأ من الصفر في بلد خال من الفساد.