×
محافظة المنطقة الشرقية

احتجاز مسنة وإصابتها بحروق في حريق في عمارة بالمدينة

صورة الخبر

خيري منصور يغيب عنّا أحياناً أن الماضي كان ذات يوم مستقبلاً لما سبقه، مثلما كان القديم جديداً قياساً على ما هو أقدم منه. ورغم ما نسمعه من شكوى في أيامنا، مما أفرزته الحداثة من تغيير لنسيج العلاقات الاجتماعية وخروج عن المألوف، إلا أن مرور الزمن سيجعل من هذا الذي نشكو منه قديماً.... إنها متوالية لا آخر لها، وكان على الباحثين العرب خصوصاً في علمي النفس والاجتماع أن يقدّموا تحليلاً قابلاً للفهم لما يبدو ملتبساً أو غامضاً من ظواهر حياتنا. وعلى سبيل المثال، لن تتحول القرية بكل مواصفاتها المتعارف عليها إلى مدينة وهي تحتفظ بكامل تقاليدها وأعرافها، لأن الناس في القرى يعرفون بعضهم حتى بالنسب والأسماء، لكن المدن تعج بالنكرات الذين قد لا يرى أحدهم الآخر مرتين. ما نشكو منه سواء تعلق بالخروج عن المألوف أو ما استجد من تفاصيل هو الضريبة التي لا يمكن تجنب دفعها ثمناً للتطور، سواء أحببنا ذلك أم لم نحبه. فالتاريخ لا يتأقلم مع البشر، بل هم الذين يتأقلمون مع تطوره رغم أنهم صانعوه. ما من منجز علمي له صلة بالتمدن إلا وله أعراض جانبية، تماماً كالدواء الذي يكون على الأغلب مرّاً وتصاحبه أعراض مزعجة كالصداع أو الغثيان. إن اكتشافاً أو اختراعاً واحداً في التاريخ كان بمقدوره أن يغير نمط الحياة، بدءاً من اكتشاف البرونز حتى اختراع الكهرباء والقطار والطائرة والكمبيوتر، لكن المشكلة تتعلق بمن يستهلك ولا يُنتج، فهو يتصور أن بإمكانه أن ينتقي ما يشاء ويترك ما يشاء. وثقافة الاستهلاك لا تتوقف عند البضائع والسلع، بل هي عادات ذهنية، وبالتالي أنماط تفكير وسلوك، بالمستهلك يتحول أسفنجة، تمتص فقط، وحين تفرز لا تجد لديها إلا ما سبق لها أن امتصته من خارجها. لهذا فإن معظم الحوارات والندوات التي تعقد موسمياً لرصد المتغيرات الاجتماعية والنفسية في الوطن العربي، ينقصها البحث عن السبب الذي يبطل العجب قدر تعلق الأمر بما طرأ على حياتنا من متغيرات.