استمع يونس السيد بعيداً عما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي حول الحرائق التي تجتاح الكيان الصهيوني، وما أثارته من سخرية أحياناً وجدل ديني أحياناً أخرى، باعتبارها عقاباً إلهياً للكيان على خططه لحظر الآذان في القدس والمسجد الأقصى، إلا أن الأمر لا يخلو من شبهات تنطوي على أبعاد سياسية واقتصادية تداخلت فيها العوامل الطبيعية مع بصمات المقاومة الوطنية. ليست المرة الأولى التي تجتاح الكيان حرائق من هذا النوع، وإن كانت هذه المرة تختلف من حيث حجمها وشدتها وقربها من التجمعات السكانية وسط فلسطين المحتلة وشمالها، وخصوصاً في المناطق الحرجية غربي القدس وقرب بلدة أبو غوش حيث أتت النيران على عشرات المنازل باتجاه طريق القدس - تل أبيب، واضطرت سلطات الكيان لإجلاء آلاف السكان من بعض المناطق، والطلب من دول إقليمية عديدة، تركيا واليونان وإيطاليا وقبرص وحتى روسيا المساعدة على إخمادها. وكما في كل مرة، لا يمكن إسقاط عامل المقاومة في إشعال أو تأجيج هذه الحرائق، ما يعيد إلى الأذهان ما سمي بحرب الحرائق التي اندلعت عام 1988، إبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وإلا كيف نفسر اندلاع الحرائق قرب المستوطنات في وسط الضفة الغربية وشمالها وقرب التجمعات الاستيطانية في غور الأردن، وهو الأمر الذي دفع نتنياهو إلى الإعلان أن بعض هذه الحرائق متعمد ويأتي على خلفية قومية. هنا تكمن بصمة المقاومة، وهنا أيضاً يكمن تداخلها مع العوامل الطبيعية كالجفاف واتجاه وسرعة الرياح وقلة الأمطار وهبوب رياح قوية ساعدت على انتشارها وسريانها كالنار في الهشيم بكثافة فاقت قدرات الكيان على وقفها. وهنا أيضاً نشير إلى أن فرق مكافحة الحرائق في الكيان أثبتت غير مرة عدم جاهزيتها أو قدرتها على التصدي لمهام من هذا النوع، ما دفع سلطات الكيان بعد حرائق مشابهة اندلعت في الشمال عام 2010 وأودت بحياة 42 شخصاً آنذاك وأحدثت أضراراً اقتصادية جسيمة، إلى إجراء إصلاحات في فرقها وإقامة فرقة جوية لمكافحة الحرائق. في ذلك الوقت استعان الكيان بفرق إنقاذ السلطة الفلسطينية، لكن يبدو أن التاريخ هذه المرة يعيد نفسه، حيث أرسلت السلطة ثماني فرق إطفاء إلى حيفا. اللافت هنا أنه ما أن يتم إخماد الحرائق في منطقة حتى يجري إشعالها مجدداً في منطقة أخرى، وبهذا المعنى يتخذ اندلاع هذه الحرائق، وإن كانت قد نشبت بفعل عوامل طبيعية، فعلاً مقاوماً يستهدف إلحاق أكبر قدر من الإضرار المادية والاقتصادية بالكيان، وربما يحمل أبعاداً أخرى أكثر أهمية. younis898@yahoo.com