النسخة: الورقية - سعودي أنت في جدة ولست في «كان» أو «موناكو» من حال الإبهار، مساء احتفلت فيه أنوار الكهرباء ورقصت من أجل رعاتها ومحبيها والأوفياء لها، كانت مصابيح الكهرباء حنونة وعاشقة، تغرد صامتة وتنثر ألوان الطيف على أيادي من تعفرت أياديهم بالكد والتعب والعطاء. صور توماس إديسون تحتفي بالمبدعين، إنه الوفاء لعالِم وهبه الله إطلاق قبس نور للبشرية، التحم الإبداع وتناثرت الابتكارات في منظومة عقد طرّزها نجدي وحجازي، شرقاوي وشمالي، وعطّرها جنوبي بالكادي والياسمين، ليت إديسون كان حاضراً، أجزم بأنه لو رأى عبدالرحمن القادم من جازان - وهو يحمل بين يديه ابتكاره الذي وفّر على الشركة 13 مليون ريال - لقال له: أنت من سلالة الفكر الإديسوني. «30 سوبرستار الكهرباء» وقفوا في يوم عرسهم على عرش الابتكار والإبداع، ويقولون للزائرين: لسنا مجرد موظفين يؤدون مهامهم اليومية غدوةً وروحةً، ولسنا أولئك المحكوم عليهم - ممن أصيبوا بقصر النظر - بأن انقطاع الكهرباء زلزلة للضياع وقلة التدبير. نحن نقف على جبل من المسؤولية تجاه وطن واقتصاد وصناعة وزراعة وتجارة، وعملاؤنا 7 ملايين، مواطنين ومقيمين. قدرُنا ألا أحد من عملائنا يذكرنا بالثناء وقت الرخاء كأننا في عتمة ليل طويل من الواجب ينتظر سهام القسورة! المثقف والكاتب والإداري المميز وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة الدكتور عبدالعزيز الخضيري كان في قمة حضوره وسعادته وهو يقف متبصراً وشاهداً أمام عرش الإبداع والابتكار، استمعَ وشاهد باهتمام الشرح والصور لثلاثين من مبدعي الشركة السعودية للكهرباء، وكان مبهوراً عندما سمع أن هذه الابتكارات وفّرت على الشركة في عام واحد 60 مليون ريال، وصفّق فرحاً عندما سمع من مسؤول أن إجمالي ما وفّرته الأفكار والعمليات الإبداعية على الشركة خلال 13 عاماً بليون ريال. ليست أرقاماً ناتجة لعملية ضرب وهمية في مبالغة للاجترار في الماكينة الإعلامية، أو ملاحقة أنواط وشهادات التفاخر، قال المهندس عبدالحق الخرس الموظف في محطة التوليد بشدقم: «عندما احترقت مُعدّة في المحطة وحضر فريق من الشركة الصانعة قدم تقريراً تضمن تقدير تكاليف الإصلاح بـ30 مليون ريال، عندئذ اجتمع فريق من المهندسين السعوديين في المحطة ووضعوا برنامج الإصلاح بحلول ابتكارية، وبعد جهد وعمل منظّم استطاعوا إعادة المحطة للعمل ووفّروا على الشركة 30 مليون ريال، المحطة تعمل حتى الآن وعرض الشركة الصانعة حُفِظ في ملف إبداع العملية الابتكارية. كل عملية ابتكارية وتحسينية موثقة بملف المعايير والمقاييس المعتمدة للقبول، و95 في المئة من العمليات الابتكارية والتحسينية ناتجة من عمليات فنية تشغيلية لمنظومة الكهرباء. كان أكثر من 700 من الحاضرين لملتقى الجودة ومعرض واحة الإبداع مسرورين جداً وهم يسمعون انطباعات مدير معهد إدارة الجودة الشاملة في سويسرا الدكتور كارل كولر، ورئيس شركة شركاء القيم الأساسية باول جرايزل، عمّا شاهداه من الأعمال الإبداعية القيمة ومبادرة الشركة في تنظيم هذا المعرض الرائع وإبراز وتكريم وتحفيز المبدعين. «جدة غير»، نعم، ما دام المتنفس والبهجة الينبعاوية تذوب في أطراف ليلها، ورائحة الطبق الينبعاوي ومذاقه يجعلان زوجتك تصاب أياماً بثورة شك لهجران الأطباق المنزلية. المحاضرون الذين جاؤوا من أوربا وأميركا وشرق آسيا كانت الفرصة متاحة في مساء جداوي جميل لنأخذهم للاستمتاع بمساء ينبعاوي الفن والمذاق، كان المجس الحجازي بديع الصوت والأبيات أعادنا إلى تاريخ فنون الإنشاد، حطّمت أحبال المنشد الصوتية فروقات المعازف الغائبة. اهتزت أركان نادي الكهرباء بجدة بالدقة الينبعاوية، إنه المزمار نغمات «دستور يالساحل الغربي»، تشعر أنك تبحر على ألواح المراكب حتى لو كنت محاطاً بأسوار أسمنتية، اهتزّ الخواجات طرباً وهم جالسون على الكراسي، لمح من هو بالمزاج الغربي خبيراً التموجات الطربية فأخذ العُصيّ الخيزرانية وألزمها الكفوف وتمتم «وينك يا إديسون»؟، اختلط العرب بالخواجات في ضيافة العذوبة الينبعاوية، فكان مشهد المحبة والتسامح، وبعد أن التهم الخواجات أنواع المأكولات الينبعاوية والحجازية، قال متعاطف مع ليالي الخواجات: سامحونا نسينا مشروب السوبيا. * كاتب سعودي. Aalyemni@yahoo.com