ألد أعدائنا خطرا وجوديا هم الفرس الإيرانيين؛ ولا فرق في عداء الفرس للعرب بين العربي السني والعربي الشيعي. فجميعنا تحت حد السكين الفارسية سواء. الفرس لديهم مشروع توسعي خطير على الوجود العربي، وهم يدركون أنهم إذا ركبوا مطية التشيع سيروجون لمشروعهم. وللأسف كثيرون من الشيعة العرب انخدعوا بهم وناصروهم، وكانوا لهم داخل لنسيج أوطانهم بمثابة الطابور الخامس للغزاة. اضطهاد الفرس للشيعة العرب في الأهواز -(عربستان)- هو أوضح دليل على ما أذهب إليه. كذلك إقحام الميليشيات الشيعية في لبنان والميليشيات الشيعة في العراق لتكون حطبا يحترق في أتون الحرب الأهلية السورية يؤكد أيضا هذه المقولة. فهم يرون أن سقوط نظام الأسد الحليف في دمشق سيلغي حكما (الهلال الشيعي) الممتد من العراق فسوريا فلبنان؛ وهذا الهلال -كما يبدو- يشكل المرحلة الأولى من مشروعهم التوسعي لإقامة إمبراطورية الولي الفقيه الفارسية. ومهما كان طموح الفرس يبقى السؤال: هل سينجح هذا المشروع التوسعي في هذا الزمن الذي ترسمت فيه الحدود، واستقلت الدول، وترسخت (الدولة الوطن) ذات السيادة التي تكون سيادتها لشعوبها بمثابة الشرف للإنسان؟ أنا ممن يذهبون إلى أن هذه المشاريع التوسعية، لا يمكن أن تكون واقعا على الأرض، وها هي مؤشرات هذا الفشل تترسخ على أرض الواقع شيئا فشيئا. العراقيون الآن مشغولون بتحرير بلادهم من الدواعش، وبعد الدواعش سيتجهون حتما إلى تحريرها من إيران؛ فالآن ربما يتغاضون عن الوجود الفارسي بسبب الدواعش، فالمظاهرات المليونية الصاخبة للصدريين قبل أشهر رفعت شعارات تندد بالوجود الإيراني قي العراق، إضافة إلى أن المرجع الشيعي (الأول) الإمام السيستاني في العراق ليس على وفاق مع فكرة (الولي الفقيه) في إيران، وسكوته اليوم على (عربدات) الإيرانيين في العراق، هو بسبب داعش؛ وكما أكد لي أحد الإخوة العراقيين أن إخراج داعش سيجعل العراقيين يطالبون بإخراج إيران، وسيقف الإمام السيستاني بثقله معهم كما قال. أما في سوريا فإن تدخل (الدب) الروسي بكل هذه القوة، جعل النفوذ الإيراني يتقهقر، يتقهقر إلى الوراء. فالروس لا يمكن أن يضحوا بكل هذه التضحيات في سوريا ويقدموها على طبق من ذهب للإيرانيين كما فعل أوباما بغباء، لينفذوا مشروع إيران الفارسية. كما أن الروس يعلمون يقينا أن الأسد ونظامه المذهبي، سينتهي قطعا، ولا يهمهم إطلاقا أن يكون خلفه علويا، قدر ما يهمهم تأمين مصالحهم الحيوية قي سوريا التي قاتلوا من أجلها. أما وجود إيران في لبنان فلا أعتقد أن يستمر أيضا. صحيح أن عميلهم (حزب الله) هو الحزب الأقوى الآن عسكريا، غير أن خسائره في سوريا أُنهكته عسكريا وشعبويا، وخسر على المستوى البشري خسائر فادحة، وكل المؤشرات تقول إنه سيتم استنزافه أكثر مع مرور الزمن وطول أمد الحرب، كما أن هناك شبه إجماع من اللبنانيين، بما فيهم جزء كبير من الشيعة أنفسهم، على أن تدخل الحزب في سوريا، هو عبث وتهور وغير مبرر وغير محسوبة عواقبه بدقة. طبعا خامنئي لا يمكن أن يتراجع، فالمعركة معركته، غير أنني أتوقع وبقوة أن أول قرار سيتخذه من يخلفه بعد هلاكه مراجعة سياسات خامنئي المتهورة وعديمة الجدوى في المنطقة. إلى اللقاء